لا يختلف إثنان في هذه الآونة على الظهور المتكرر لأخ الرئيس المستشار الأول لرئيس الجمهورية السعيد بوتفليقة , و لا يشك أحد في عدم براءة هذه الخرجات , خاصة و أنها تتزامن مع مناسبات محدَّدة مثل الجنازات الرسمية و بعض التظاهرات الشعبية مثل ما حصل حين نزل إلى شوارع العاصمة لمساندة الروائي الجزائري رشيد بوجدرة الذي تمت إهانته من قبل قناة النهار آن ذاك في حصة رمضانية " كميرا مخفية رانا حكمناك " و الذي قام رئيس تحريرها مباشرة بإيقاف عرض هذا البرنامج بعد نزول أخ الرئيس و مساندته لرشيد بوجدرة.
هذا الظهور لم يكن من قبل إطلاقا , فقد كان أخ الرئيس نادر الظهور ربما لا يظهر سوى عند الإدلاء بصوته في الإنتخابات , و ما يثير الإنتباه أكثر هو ظهوره المطول أمام عدسات الكمرا في جنازة رضا مالك رفقت كل من رئيس منظمة رؤساء المؤسسات و رئيس المركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد وما رُوِّج له من تدخلات في قضية فصل المال عن السياسة التي إنتهجها الوزير الأول عبد المجيد تبون , زيادة على ذلك فأخ الرئيس يملك شهرة قياسية في الجزائر الكبير و الصغير يعرفونه و لو كانت شهرة سيئة و ارتباط صورته في ذهنية الشعب الجزائري بشكل مباشر بملفات الفساد الكبرى .
و إزدادت شهرته السيئة خصوصا عندما ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة , أين تشير أصابع الإتهام جميعها إلى أجنحة مستفيدة من هذه العهدة التي نصبته رئيسا على الجزائريين رغم مرضه الشديد و شلله شبه التام و على رأسهم أخيه السعيد بوتفليقة .
, كما هو موضح في الفيديو أسفله فإنَّ هذا الظهور صاحبه محاولات لجس النبض أو لتلميع صورته و تغيير الصورة الراسخة لدى الجزائريين , فتعمد بعض القنوات التلفزيونية على بث رسائل للسعيد بوتفليقة ردًّا عن بعض الإتهامات الموجهة إليه كإمتلاك الأراضي بغير حق قانوني و غيرها من التهم , صحيح أنه من حق الجميع الرد عن الإتهامات الموجهة إليهم , لكن كما هو معروف في الأجهزة الإعلامية فإنَّ هذه الردود النابعة من شقيق الرئيس تدل على إنطلاق المرحلة الأولى لتعويد الشعب على سماع إسمه في المحاضر الرسمية بشكل مخالف لما هو مرسخ سابقا , و يؤدي هذا إلى تغير صورته و جعل المستمع أكثر قبولا لهذه الشخصية و أكثر إرتياحاً لها . ثم تأتي المرحلة الثانية و هي إظهار تاريخه الشخصي و نشأته على أنها كانت عادية مثل بقية أفراد الشعب و أنه كان من بيئة عائلية محترمة و جيد التربية و الخلق و متدين و إلى غيره من الأمثلة.
و يبدو أن المرحلة الثالثة هذه قد بدأت بالفعل , ففي تصريح جاء في قناة تلفزيونية جزائرية خاصة للأمين العام للحزب العتيد جبهة التحرير الوطني جمال ولد عبَّاس , حكى فيه بعض الخلفيات الجيدة عن أخ الرئيس . و أفاد قائلاً : " السعيد بوتفليقة كان مجرد أستاذ جامعي ذا مستوى عالي في إختصاص المعلوميات و كان أحد أقوى النقابيين المدافعين عن حقوق العامَّة بقوة , و أنه كان دائما يسعى إلى تحقيق المصلحة العامة طيلة مشواره "
و قال كذلك أن تعيينه كمستشار خاص لرئيس الجمهورية جاء حسب القوانين المعمول بها في كل أنحاء العالم , و أظهر أيضا أن أخ الرئيس يحضى بثقة أخيه أكثر من أي شخص آخر , و أن السعيد بوتفليقة مكنته خبرته و إمكانياته العلمية في مجال الإعلام الآلي لبناء المنظومة المعلوماتية لرئاسة الجمهورية و حمايتها , كما أكد أيضا أنه لم يحدث إطلاقا و أن تدخل شقيق الرئيس في أداء مهامه عندما كان وزيرا كما يروج له دائما عن تدخلات السعيد لتحقيق مصالحه الخاصة , و أكد مرة ثانية أن أخ الرئيس يعمل للصالح العام حتى وهو مستشار الرئيس الأول .
و الأبرز و الأهم من كل ما قاله جمال ولد عباس هو أن السعيد بوتفليقة كمواطن له الحرية في الترشح كبقية المواطنين , مشيرا إلى أنَّ المترشح الذي تختاره جبهة التحرير هو من سيفوز و أقر بقبوله إمكانية ترشيح السعيد بوتفليقة لرئاسيات 2019 المقبلة بإسم الحزب العتيد جبهة التحرير الوطني , و أشار بشكل جانبي أيضا إلى بعض التحفضات عن الإنتخابات الرئاسية المقبلة عندما قال أن الرئيس بوتفليقة أمر بعدم الحديث إطلاقا عن الرئاسيات المقبلة واصفا الأمر بالسابق لأوانه .
قد يبدو للشخص العادي أن هذا مجرد تصريح عشوائي , لكن المحللين المتخصصين يرون فيه بذرة لحملة إنتخابية مسبقة , على الأقل التحضير النفسي للشعب الجزائري لقبول السعيد بوتفليقا رئيسا عليهم , و هذا لم يعد صعبا في خضم العامل الإعلامي الذي يعمل على تغيير نظرة الرأي العام الداخلي و حتى الدولي حول إمكانية تعيين شقيق الرئيس خليفة لأخيه . كيف لا و هو خبير في المعلوماتية بإمكانه اللعب على الأوساط الإلكترونية للتواصل الإجتماعي .
لا شك أن السعيد بوتفليقة يعلم جيدا مدى الكره و الحقد الدفين الذي يكنه له الشعب الجزائري بأطيافه كاملةً , و هو قد يكون ذكيًّا في إيجاد السبل الممتازة للتعامل مع هذا الغضب العارم ضدَّهُ بشكل إيجابي قد تقبله بعض فئات الشعب , و هذا يظهر جليًّا في تعامله مع الشعب أثناء خرجاته الميدانية الأخيرة , و يحاول جاهدا مرارا و تكرارا إظهار إبتسامته العريضة و ترحيبه ببعض أفراد الشعب و الحديث معهم أمام الكمرا و حتى تعامله الجيد مع الهتافات التي دعت لطرده من تجمع مساندة الروائي رشيد بوجدرة كانت جد إيجابية و قابلها بإبتسامات و ردود لطيفة , و ظهر أيضا بوجه بشوش في جنازة رضا مالك رغم عدم إحترامه للميت بضحكات هستيرية مع كل من علي حداد و عبد المجيد سيدي السعيد .
و في الأخير قد نستنتج أن هناك إحتمالين يفسران لمساعي شقيق الرئيس التي تظهر في خرجاته الأخيرة و المتكررة , و هي إمَّا أنه فعلا يسعى لبلوغ أعلى منصب في الجزائر و هو رئاسة الجمهورية , أو أنه يسعى إلى إيجاد مخرج آمن له و لعائلته و[ ذلك بالدفع بمن هم في محيطه إلى دائرة السلطة مما يضمن له و لعائلته عدم الملاحقة بعد خروج عبد العزيز بوتفليقة من قصر المرادية , أو أنه يعمل من أجل تحقيق العهدة الخامسة لأخيه و هذا مايخشاه الجميع أكثر من الإحتمالات السابقة , أو أن هناك متغير جديد قد يطرأ في الأيام القادمة , لنرى ماستقدمه لنا الأيام المقبلة من تطورات و أحداث سياسية و إقتصادية قد تنبىء بشخصية الرئيس القادم .
شاهد تصريحات جمال ولد عباس و الظهور المتكرر للسعيد بوتفليقة
0 Comentair:
Post a Comment