كثير ما تردد في الوسائل الإعلامية بعد تنحية الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون كلمات تدل على أن الفوضى إنتهت و كل شيء عاد إلى معدلاته العادية , بإعتبار أن ماكان عليه الحال قبل تبون يُعتبرُ عاديًّا , أي أنَّ كل ماأثير من إختلاسات و تبذير المال العام و الصفقات المشبوهة و المشاريع غير المنجزة و إنعدام الرقابة المالية , كل هذا يعتبر هو الأمر العادي و الذي يجب أن تعود إليه الحكومة الجديدة ؟؟
من الواضح أن اولى القرارات صبَّت مباشرة في اتجاه فكرة إستعادت مصالح الأفراد الذين فقدو الكثير الكثير جرَّاء القرارات التي ضربت مصالحهم في الصميم , نذكر منهم أغلب المستوردين و الذين تضررو بقوة من رخص الإستيراد , بالإضافة إلى العديد من الصفقات التي تم إصدار أوامر لإعادة النظر في كيفية منحها . كل ما كان فرضا لهيبة الدولة على رجال المال و فرضا للرقابة المالية و الميدانية للمشاريع و الصفقات المالية و الأموال التي تخرج و تدخل الخزينة العمومية و متابعة تمويل المشاريع العمومية و متابعة الرخصو ومتابعة إنجاز المشاريع الممنوحة , متابعة توزيع الأراضي الزراعية و مدى إنجازها , كل هذا كان مجرد حلما مرَّ لشهرين فقط لم يبدأ تطبيقه كليًّا سوى بعض البنود , و الأدهى من ذلك تم إلغاء حتى المفتشية المالية التابعة للوزير الأول نفسه الذي ألغاها !!! و التي تهتم بالكشف و الرقابة المالية للمال العام من كل جهة و تصعد بتقارير فورية لمكتب الوزير الأول حتى يكون بين يديه كل الوسائل اللازمة لإتخاذ القرار المناسب و الأفضل و الأكثر فعاليةً , هل هذا غباء خارق مثلا ؟؟ بالرغم من أن أحمد اويحيى متخرج من المدرسة العليا للإدارة و التي يُشهد لها بالكفاءة و الجودة العلمية , ألم يحسن إستعمال معارفه الإدارية مثلاً ؟
لايبدو أنَّ طرحَ غباوة الوزير مجدية على الإطلاق , لأنه قبل كل شيء سياسي و يعرف مدى تأثير أي قرار , لكن و كما يبدو فإنَّ لغة المصالح هي من طغت على الواقع الإداري و الإقتصادي , فكما هو معلوم هذه المفتشية ستضغط بشكل قوي جدا على مصادر تمويل المشاريع العمومية الممنوحة في أغلبها للمؤسسات التابعة للمنتدى الوطني لرجال الأعمال , و بالتالي فأي صرف يذهب للمشاريع يكون مراقبا و مدروساً و يُنتظر نتائج جراء هذا الصَّرف , و لكن رجال أعمالنا ليسو بهذه الدرجة للأسف الشديد من الإحترافية , فنحن لا نزال نعيش عقلية الفوترة و التزوير و الغش . فإلى متى ؟؟
و من هنا و أي عاقل يمكنه فورا أن يستنتج أن هذه المصالحة لا تعني سوى عودة المصالح إلى مجاريها و تعني أيضا التقسيم العادل للمصالح و الصفقات العمومية و بإمتيازات دون رقابة , أيُّ إستراتيجية هذه تقوم بدون رقابة مالية على المال العام ؟؟
0 Comentair:
Post a Comment