الجامعات الجزائرية تحتل أسوء المراتب المتدنية عالمياًّ
بالرَّغم من الدَّعم المادِّي الكبير
جاءت التصنيفات العالمية للجامعات بأنواعها و أشكالها بأخبار سيئة ليست بجديدة على الجامعة الجزائرية , التي تحتل بجدارة ككل سنة أسوء المراتب , إبتداءا من المرتبة 2131 و التي كانت من نصيب جامعة سيدي بلعباس حسب نظام تقييم الجامعات العالمية الذي يصدر عن المجلس العالي للبحث العلمي بإسبانيا .
يأتي هذا بالرغم من الأموال التي تصرف سنويا على هذا القطاع , وهنا وجب علينا البحث في أسباب هذا التدهور الخطير , و أول هذه الأسباب يتعلَّق بالمعايير التي تعتمد عليها هذه المراكز في التصنيف , فمثلاً معيار تحصُّل الباحثين في تلك الجامعة على جوائز دولية معترف بها مثل جائزة نوبل , و الجميع يعلم أن هذه الجائزة تعطى لأسباب سياسية أكثر منها علمية , كما ترتكز المعايير على جودة البحوث من حيث نشرها على مجلات الجامعة و باللُّغة الإنجليزية , و هنا الجزائر تعتمد على لغتين في النشر و هي اللغة العربية و الفرنسية , و لا ننسى البعد الإقتصادي للتصنيف فالكثير من الجامعات في العالم بل أغلبها لا تقدِّم الخدمات التعليمية مجاَّناً , بل بمقابل و نلاحظ أنَّ أغلب الجامعات التي تصنَّف في المراتب الأولى هي مؤسسات تعليمية خاصَّة , و تدفع أموالاً باهضة لهذه المراكز التصنيفية من أجل إعلاء درجات تصنيفها دائما و منها حتى جامعات عربية تقوم بذلك , و هذا يعتبر نوع من أنواع الإشهار عن تلك الجامعات و أغلبها أمريكية و التي تكون دائما في المراتب الأولى , بالإضافة إلى معيار آخر و هو حجم الجامعة و هي حسب المساحة التي تتربَّع عليها الجامعة و عدد الكليات التي تتبعها و عدد الإختصاصات التي تُدرَّس فيها .
و نعود الآن إلى مستوى التعليم في الجزائر و الذي يجتمع الكل على أنه لم يصل إلى المستوى المطلوب , وهذا لعدد من الأسباب أولها الطالب , نعم الطالب الذي لا يعطي إهتماماً لدراساته و يسعى فقط للمرور عبر السنوات و الأقسام و الحصول على ورقة الشهادة و العمل و فقط , بينما من المفروض أن يتحول الطالب الجامعي من مجرد تلميذ في الثانوية إلى مورد بشري هام بعد خروجه من الجامعة , لكن و للأسف معظم الطلبة يبحثون عن الوصول إلى الشهادة و فقط , و بالنظر إلى قاعدة الإستعراض و التفاخر و التباهي بين الأهل و الأصدقاء و البقية , بالإضافة إلى طبيعة الأسر الجزائرية و التي تبحث عن الألقاب دون البحث عن جوهر تلك الألقاب , فلقب " جامعي " الآن لا يعني إطلاقاً أنه ذا مستوى علمي و ثقافي راقي , ونضيف لهذا تغوُّل المنظمات الطلابية التي أصبحت تنشأ و تنشط لأسباب بعيدة كل البعد عن الجامعة , فمنها نشاطات سياسية و منها نشاطات تهدف للمنفعة الشخصية للطالب المنظم للمنظمات الطلابية و أخطرها تلك التي تعمل بالضغط المتواصل على الأساتذة للرضوخ لطلباتهم و يصل هذا إلى التهديد بالحياة .
و بعد أن يُتمَّ الطالب دراساته و لنفرض أنه كان ملم و مهتم بدراسته بشكل جيد و يمكن أن نعتبره من درجة الباحثين , يصطدكم ككل الطلاب بالواقع المهني , فالمؤسسات الإقتصادية الجزائرية لا تراعي إهتماماً لتطلعات و بحوث الطالب التي من الممكن أن تحدث قفزة نوعية في تلك المؤسسة , لكن العقليات القديمة لا تزال حاضرة و بقوة , و أبرز ما يلتقي به الطالب هو جملة " ما درسته في الجامعة يبقى في الجامعة " و يتلقَّى كذلك عبارة " كل ما درسته نظري و أنت الآن في التطبيق و هذا مختلف كل الإختلاف " . و هنا الطالب المسكين يتخلى عن كل معارفه و تقنايته المكتسبة و يتعلم تقنيات محدودة في إطار عمله و يدخل في روتين العمل , و تذهب سنوات دراسته هباءًا . بالإضافة إلى الدولة التي لا تنظر أصلاً في أبحاث الطلبة التي تخسر عليهم الملايير كل سنة .
العجيب في الأمر أن الحكومة تتباهى دائما بالميزانية و بعدد المدارس و الجامعات المنجزة و بالكم و العتاد , لكنها تهمل كل ماهو نتيجة لتلك الإستثمارات فإنطلاقا من رمي البحوث الجامعية في المزابل أمام مرأى الطلاب , إلى الإهمال الذي يطال الطالب بمجرد تخرجه أو حصوله على الشهادة .
0 Comentair:
Post a Comment