970x90 شفرة ادسنس

العطش و ندرة المياه يهددان الأمن الإستراتيجي للجزائريين


العطش و ندرة المياه

يرهنان مستقبل إستقرار الجزائريين

ظهرت إلى السطح في الأشهر الأخيرة مؤشرات مرعبة عن تراجع قوي لمنسوب المياه الصالحة للشرب في الجزائر , بالرغم من قيام مصالح الدولة بالعديد من الإجراءات سابقاً لتعويض النقص الذي تعانيه الجزائر أصلاً في المياه الصالحة للشرب منذ زمن طويل , لكن ذلك لم يكن فعَّلاً سوى في بعض المناطق الأساسية و هي محصورة تقريبا في العاصمة و المدن الكبرى مثل وهران و قسنطينة و غيرها , أما فيما يخص الجزائر العميقة فالأمر حقيقةً كارثي على طول السنة , هناك مدن يصلها الماء مرة كل  يومين و هناك من يصلها مرة كل أربع أيام و هناك من يصل حتى لمرة واحدة في الأسبوع خصوصا في فترة الصيف و التي يقل فيه منسوب المياه في السدود مما يؤدي بالمسؤولين على تسيير توزيع المياه الصالحة للشرب على المواطنين إلى ضبط الوقت و الكمية التي  يتم توزيعها ,  و هنا يجب أن نطرح سؤال مهم للغاية كيف يمكن أن نطمع في إقتصاد زراعي قوي و نحن لا نمتلك كفايةً المادة الأولية أصلاً ؟؟ فما هو المشكلة هل  فعلاً الجزائر تعاني من ندرة طبيعية في المياه لسبب أن جل مساحتها صحراء , أم أنَّ ضعف التسيير الذي ينخر البلاد من كل جهة هو المتسبب في هذه المشكلة !! .

الأمر الأوَّل الذي يجب أن نقف عليه هو الطبيعة الجغرافية للجزائر , من المعلوم للجميع أنَّ حوالي 80% من المساحة الإجمالية للجمهورية الجزائرية هي صحراء , أي أنَّ المشكل الذي يُطرَحُ أوَّلاً هو ندرة المياه طبيعيًّا فمن الظاهر للجميع أنَّ المياه الطبيعية الصالحة للشرب تتوفر بقوة في الجبال أين توجد الينابيع بكثرتها على طول سهل متيجة , و تغيب هذه الينابيع بصفة كبيرة جدا في المناطق الجنوبية الشاسعة , لكن في نفس الوقت تمتاز المناطق الجنوبية بالمياه الجوفية و التي تعتبر مخزونا إستراتيجيًّا للمياه خصوصا في منطقة أدرار و الوادي و الذين يتصدرون المقدمة في الإنتاج الفلاحي في كل موسم ..

لكن في الحقيقة لا يمكن إستعمال مياه الينابيع الطبيعية و المياه الجوفية في أمور الغسيل و الصناعة , وبالتالي تبقى موجَّهة فقط للشرب و تسيطر تقريبا شركات تعبئة المياه عند كل منبع تقريباً , و هو أمر مستحسن من أجل التنظيم و الإستثمار في نفس الوقت .

ويبقى المصدر الأول للمياه التي يستعملها الشعب الجزائري هي مياه السدود , فقد أنشأت الحكومات المتعاقبة القليل من السدود بالنظر إلى الطلب اللامتناهي و المتزايد على المياه و الذي يتماشى مع النمو الديموغرافي و الصناعي في الكثير من المناطق , فسد بني هارون بولاية ميلة الذي يمون تقريبا معظم الولايات الشرقية , فعلى الرغم من سعته العملاقة إلا إنه لا يكفي  لتموين عدَّة ولايات و الغريب في الأمر أنَّ الولاية المحتضنة لهذا السد - ميلة -  هي نفسها تعاني أزمة عطش , أمَّا الوسط فهو يملك سد بالمدية و سد بتيبازة و سد ببومرداس و كلها تجعل ولايات الوسط  في منئى عن أزمة العطش , كما تملك البويرة و تيزي وزو هي الأخرى سدا يمونهما . و هناك سدود أخرى على قلتها تمون الولايات الغربية و الجنوبية , و لا ننسى أيضا أنَّ الحكومة أطلقت مخططاًّا للربط بين السدود و إستغلال مياه الأنهار و الوديان  في نفس الوقت .

لكن المشاكل المتعلقة بالتزود بالمياه الصالحة للشرب تفاقمت كثيراً لدرجة قيام سكان عدة ولايات و بلديات في التراب الوطني بإحتجاجات عن ندرة المياه , لكن السلطات المعنية تلعب دور المتفرج لا تحرك ساكناً إزَّاء هذا التفاقم الكبير و التطور السريع للمشكلة . حتى و إن تحرَّكت فلا بديل لها عن مياه السدود الفارغة .

يقول حسين نسيب وزير الموارد المائية بأنَّ سبعين بالمئة من السكان تأتيهم المياه يمومياًّ , و 38 بالمئة منهم يتزودون بالمياه على مدار الساعة كما أنَّ 16 بالمئة من السكان يتلقون المياه يوم بيوم و 14 بالمئة تأتيهم المياه مرَّة كل ثلاث أيام و في بعض الأحيان أكثر .

و أزمة المياه التي تعيشها ولاية عنابة لأكثر من شهر وصل بها الأمر إلى شل أكبر مصنع للحديد و الصلب بالجزائر , أين تم إيقافه نهائيا لتوفير سعته المقدرة بألف و 500 متر مكعب , و تزويد سكان بونة بها , يذكر بأن عنابة و الطارف تتزودان بالمياه من سد كبير و هو سد الشافية الذي تبيغ سعته 158 مليون متر مكعب , و اليوم لم يتبقى من تلك السعة إلاَّ حوالي أقل من 21 مليون متر مكعب فقط , و يرجع السبب حسب قول الوزير إلى نقص في نزول الأمطار .

و يُرفقُ هذا المشكل الطبيعي بمشكل آخر تقني حيث أنَّ القناة التي تجر المياه تضيع أكثر من 50 بالمئة منه في طريقها لتوزيع المياه على المواطنين , كما يظل مشكل التبذير و اللا مبالاة من قبل المتنعمين بهذه النعمة موضوعا مطروحا دائما , فالمواطن أيضا يتحمل بعض المسؤولية إزاء تصرفاته غير المسؤولة .

ما المطلوب الآن !! , نذكر أنَّه منذ سنة 2009 إنطلقت مشاريع إنجاز ورشات و مصانع و مركبات في الولايات الساحلية للقيام بتحلية مياه البحر و تحويلها لمياه صالحة للشرب , فأين تسير هذه المشاريع ياترى ؟؟ لم نرى بعد نتيجتها لحد الآن !! , و متى يستفيق مهندسونا و المختصين لإيجاد حل تقني ينجينا من أزمة عطش قاتلة , كإنشاء مشاريع مشابهة للنهر الصناعي الليبي الذي أقامه معمر القذافي , أو محاولة تسريع و إنجاز المزيد المزيد من مراكز تحلية مياه البحر , كما لا ننسى أيضا التعجيل في إصلاح الأعطاب و الخلل على مستوى القنوات التي تنقل المياه و التي تضيع الكثير في الطرقات .

لا يُعقَل أن يصل بلد بحجم الجزائر إلى مرحلة لا تستطيع فيه الدولة توزيع المياه , هل سنعتمد على معجزة الله تعالى و نصلي صلاة الإستسقاء فقط , فالحقيقة تقال حتى الشعب في غالبيته أصبح بعيدا كل البعد عن الدين الإسلامي الحنيف لا صلاة في وقتها و لا إلتزام ولا حشمة ولا أي شيء , فمن أين تأتي الرحمة ياترى , علاقتنا بربنا أصبحت مجرد مظهر دعائي فقط لا غير يتم تصوير العداد الغفيرة في المساجد و إظهار العدد العملاق , لكن المشكلة تكمن في صفاء القلوب , حينما نصلح هذا المشكل عندها يمكن أن ننتظر رحمة ربنا علينا و مع أنَّ الله رحيمٌ بعباده أكثر من أي شيء آخر .

الخوف كل الخوف من أن تضطر الجزائر إلى إستيراد الماء مستقبلاً , فكما هو معلوم من أهم مقومات الأمن القومي هو الأمن الغذائي و الأمن الغذائي يقوم على الإنتاج الفلاحي المحلي و الإنتاج الفلاحي المحلي يقوم على وفرة المياه الصالحة و هذا هو المشكل بعينه , فالمياه في بلدنا أصبحت نادرة و منها أدَّت إلى جفاف آلاف الأراضي الصالحة للزراعة و منه تؤدي إلى غياب الأمن الغذائي للجزائريين , بالإضافة إلى كل هذا فإن أقصى أمر يمكن أن يخرج الجزائريين إلى الشارع هو تهديد حياتهم و مستقبلهم , و بالتأكيد فإن إنقطاع المياه لمدة طويلة يصعب الحياة و يزيد من حدة الغضب  ثم يليها العجز في إنتاج الغذاء محليا و هو مايزيد الطين بلة أكثر و يأتي فوق كل هذا الأزمة الإقتصادية الناجمة عن إنهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية  , مما يضع الإستقرار الإجتماعي و السياسي و الأمن القومي و الأمن الغذائي و الأمن الإستراتيجي بشكل عام في كفة واحدة مقابل كفة " ندرة المياه " التي تسيطر عليهم جميعاً .

كان الله في عون الجزائر الحبيبة و شعبها في تجاوز هذه المطبات الوعرة .

شاهد تصريح وزير الموارد المائية حسين نسيب




  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك

0 Comentair:

Post a Comment

Item Reviewed: العطش و ندرة المياه يهددان الأمن الإستراتيجي للجزائريين Rating: 5 Reviewed By: AyoubVision
Scroll to Top
google-site-verification: googleeb9bb8d83dc3c4d3.html