الأيام الأخيرة لرجل الأعمال علي حداد بعد طرده من حضن الحكومة
الأيام الأخيرة لرئيس منتدى FCE
علي حداد طُرِد من حضن الحكومة
كل المؤشرات الظاهرة منذ الندوة التي أقيمت في فندق الأوراسي الموسم الفارط و التي جمعت مستثمرين أفارقة أين قام علي حداد باللقطة التي قلبت مصيره مع الحكومة رأسا على عقب , الخطأ الذي لا يغتفر و الذي وضع كل مخططاته و مساره في طريق أخرى معاكسة , اللحظة التي وصل فيها إلى أكبر درجة غرور و تفرعن كيف لا و هو المدلل الأول لحكومة سلال , كان مدللاً من حيث الدعم و الصفقات الممنوحة لشركاته جعلت منه الوجه الإقتصادي الأول في البلاد , و أصبح يرادف مصطلح السلطة في الكثير من الأحيان خصوصا بتدخلاته بتصريحات سياسية خارج إختصاصه , كل هذا بمجرد تمويله لحملة العهدة الرابعة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة , و كانت مكافأته آلاف ملايير الدولارات من مشاريع و صفقات قبض ثمنها قبل حتى أن ينوي الإنطلاق في إنجازها و التي ظهرت على السطح الآن , المعني هنا ليس علي حداد وحده بل هو و كل مسانديه و معاونيه و من هم تحت يده , لم يتمكن هذا الرجل الذي يزعم أنه سيد أعمال حتى من تمويل منتدى الإستثمار الإفريقي و لا من جلب إستثمارات ذكية تعود بالفائدة الإقتصادية الحقيقية للبلد .
يبدو أن علي حداد و فريقه لم يكونو واعين ولا دارسين لخطواتهم ومسارهم فكيف لهم أن يسيرو كبرى المشاريع و المؤسسات و الصفقات ؟ هل يعقل أن من يملكون جيش من المستشارين الإستراتيجيين من كل الميادين و التخصصات الذين يمتلكون من المفروض نظرة إستشرافية و نظرة بعيدة المدى لكل خطوة يسمحون له بها إن لم يكونو هم من أوصوه بالقيام بالخطأ الأعظم و هو تخطي مصالح الدولة و الحكومة في منتدى الإستثمار الإفريقي أين نهض و قدم كلمته مباشرة بعد كلمة الوزير الأول عبد المالك سلال متجاوزا بذلك كلمة وزير الشؤون الخارجية رمضان لعمامرة و وزير الداخلية نور الدين بدوي و وزير الصناعة و الإستثمار عبد السلام بوشوارب ووزير التجارة محمد العايب الذين من المفروض و حسب تسلل بروتوكولي يأتون بكلمتهم بالتوالي مباشرة بعد كلمة الوزير الأول عبد المالك سلال , أين إعتبره وزراء حكومة سلال إهانة لا يمكن تقبلها لرموز نظام الدولة أمام مختلف الهيئات الإستثمارية الإفريقية -"نقصد بهم رجال الأعمال و ممثليهم "- و الذين كانو من المفروض آتين من أجل البحث عن فرص إستثمار في الجزائر مما يعود عليهم و على الجزائر بفوائد كبيرة تجعل الجزائر في أحسن مسار للخروج من أزمة التبعية للنفط . بمجرد تفرعنه ذاك سقط من عين الذين وضعو فيه الثقة و أولهم الوزير الأول آن ذاك سلال و الوزير الأول الحالي الذي كان في هو أيضا في المشهد ذاته .
علي حداد مدلل سلال الأول لم يكتفي بتمريغ رموز نظام الدولة و إضاعة المال العام و صب إستثمارات ضخمة في حفر لا تجني شيئا و لم يكتفي بقضه لقيمة الصفقات قبل الإنطلاق فيها بل تعدَّ ذلك بكثيير و هو ضربه للعمق الإجتماعي الذي تعول عليه الحكومات المتعاقبة في المحافظة على الإستقرار و الأمن و الهدوء العام , بتصريحاته اللاذعة و أشهرها مطالباته برفع دعم الدولة عن الشق الإجتماعي من دعم المواد الأولية و المواد واسعة الإستهلاك , و الذي يعتبره معظم أفراد الشعب عدوا له بسبب تلك الأفكار التي يحويها رأسه , لا ننسى أنه أهان المرأة الجزائرية عندما عرض على رجال الأعمال الصينيين الزواج من الجزائريات في مزحة , و العديييد من السقطات الأخرى لعلي حداد و مشتقاته و التي تبث صدى عميق لا يزول في ذاكرة الشعب , و أكثر من ذلك أصبح علي حداد الرمز الأول للفساد و التغول المالي على السياسة و أصبح في نظر العديد من الخبراء من كل الميادين يمثل خطرا فعليا على الإقتصاد الجزائري من جهة و على البيئة السياسية الهشة في حد ذاتها أين رسَّخ هو أيضا نظرية تحكُّم المال في السلطة السياسية , و لعل لعبه لدور المتصرف المحوري الأول في قرار الإدارة العليا للدولة و في مختلف المصالح العمومية الأخرى , أين يقول البعض من المختصين أن حكومة سلال منحت لمصالح حداد ضوءاً أخضر للتصرف في الممتلكات العمومية و أبرز مثال على ذلك هو التنازل السخي لسلال عن الأراضي الفلاحية للدولة لصالح التعاونيات الفلاحية أو مشاريع المستثمرات الفلاحية المنطوية تحت شركات علي حداد و زملائه دون أن تستغل إطلاقاً و يمكن أن يكون بعضها قد حول إلى أراضي عمرانية .
صدق المثل الشعبي " دوام الحال من المحال " و ينطبق في هذه اللحظات على زمرة علي حداد , بمجرد إعتلاء الوزير الأول عبد المجيد تبون و الذي أبَّان عن وجهٍ مغاير لسياسات الحكومة اتجاه هذه الزمر التي وصلت للخط الأحمر و هو السلطة , فكما يعرف في الأوساط العامة أن الأزمة عندما تصل لعضم أجهزة السلطة عندها فقط تتحرك بصرامة و بقبضة حديدية لا يمكن توقعها , تماما مثلما حدث مع الخليفة فهو أيضا كان مدلل الرئيس و الذي أسداه وسام الشرف و أطلق عليه إسم الفتى الذهبي , و دون أن نعيد ذكر كيف إنتهت قصة الخليفة الذي يقبع وراء القضبان الآن . وكما هو واضح للعيان أن طريق علي حداد ستكون مستقيمة على التوازي مع طريق الخليفة ربما قد تختلف فقط في وجهة السجن لأن الأمور باتت واضحة و القضايا بدأت تطفو إلى سطح بطريقة دراماتيكية ممنهجة و معدة بدقة تستهدف من جهة إعادة ثقة الشعب في الحكومة ولو جزئيا و الذي إنكشف في الإنتخابات التشريعية الأخيرة مدى ضعفها الواضح , و من جهة أخرى إستعادة هيبة الدولة أمام سلطة المال التي كادت أن تصبح الفاعل الأول في السياسة , و من الملاحظ بشدة أن هؤلاء المتطفلين على دعم الدولة " علي حداد و زمرته " أن ظهورهم كان بعد مرض الرئيس بوتفليقة العنصر الذي يمكن القول عليه أنه آخر فرد في نظام الدولة الذي يحافظ على رمزية الدولة و هو على رأسها فإن غاب ساد قانون الغاب , ويمكن التعبير على هذه الفترة بفترة النَّهب المقدس نعم " المقدس " لأنه فعلاً أصبح دينا كامل الأركان بعد أن إستشرى الفساد بكل أنواعه في المجتمع , أصبح دينا لدى رجال المال و السياسة معا في ظل غياب الرقابة الذاتية و الوضعية , و بمجيء تبون على رأس الوزارة الأولى بعث في الجزائريين نقطة أمل في العودة إلى المسار الصحيح وباشر بالعديد من الإجراءات التي تهدف فعلا إلى فصل سلطة المال عن السياسة ووضع حد لتغولها على السلطة والمال العام و من أهم هذه الإجراءات هي تجميد قرارات الوزير الأول عبد المالك سلال القاضية بمنح الأراضي الفلاحية التابعة للدولة لصالح المستثمرات الفلاحية التابعة لزمرة علي حداد و خصوصا تلك التي لم يُنطَلَق في إستغلالها لحد الآن , و لعل أهم مافعله الوزير تبون هو طرد علي حداد من إفتتاحية المدرسة العليا للضمان الإجتماعي قبيل مجيئه مما يدل على أن تبون لا يرغب في ربط صورة حكومته بصورة زمرة علي حداد على الأقل ليبعد عنه الشبهات .
و آخر المستجدات التي تثبت نية الحكومة الجديدة في القضاء على هذه الزمرة و غيرها , هو إنتقالها إلى المرحلة الثانية من العملية و رفع القضايا إلى السطح و أولها بدأتها وزارة الدفاع الوطني التي وجهت سلسلة إعذارات جديدة لمجمع شركات حداد , و منحته 8 أيام لإعادة بعث أشغال مشروع يخص الناحية العسكرية الخامسة وبالضبط في المنصورة بقسنطينة , و نشرت وزارة الدفاع الإعذار الأخير في جريدة المجاهد الحكومية خبر مفاده أن المشروع الذي من المفروض أن تنتهي فيه الأشغال في فيفري 2018 لم تتجاوز فيه نسبة الإنجاز حاليا 14 بالمئة و أنه متوقف حاليا لأسباب مجهولة , و هددت وزارة الدفاع الوطني شركة حداد وبليكاز بسحب المشروع منهما في حالة عدم الإنطلاق في الأشغال بعد 8 أيام .
ويخص الإعذار الصفقة رقم 172/2014 الصادرة في 5/11/2014 بقيمة 952 مليون و الذي يفترض إستلامه في شهر فيفري 2018 , و بالنظر إلى الرد الحازم لوزارة الدفاع الوطني و المهلة القصيرة جدا , سيكون من المستحيل على مجمع شركات حداد أن يعيد الحياة للمشروع الذي يركح في نسبة 14 بالمئة بعد حوالي 3 سنوات من إنطلاق المشروع بالإضافة إلى إعذارات أخرى وجهتها وزارة الأشغال العمومية و وزارة النقل بخصوص 17 مشروعا منتشرا على المستوى الوطني تتواجد هي الأخرى في حالة توقف بعضها يعود للعام 2008 .
و أكدت وزارة الدفاع الوطني أن الأمر جدِّي و يتعلق بموقف صارم من الدولة الجزائرية بجميع مؤسساتها ضد بؤر الفساد و المافيا التي تقوم بإفتراس خيرات الجزائر منذ سنوات تحت غطاء الصفقات العمومية و تحت مظلة عملااااااقة إسمها " الإستيراد ".
و من المنتظر أن تُوَجَّه دفعة جديدة من الإعذارات لمجمع شركات علي حداد بخصوص قطاع الموارد المائية و الذي سجل هو الآخر أعلى درجات النهب و العبث في تنفيذ المشاريع , سواءا من حيث التأخر أو من حيث جودة المشاريع أو الفساد العملاق الذي عرفته جل القطاعات خلال فترة إشراف الوزير السابق عبد المالك سلال لسنوات طويلة و الذي يعتبره البعض مظلة الإنتهازيين . نظرا لسخائه في منح الصفقات لغير مستحقيها .
و يكون قرار وزارة الدفاع الوطني ردًّا حاسمًا على الأصوات التي صورة ما يحدث من إجراءات حكومية اتجاه بؤر الفساد على أنه مجرد خلاف شخصي بين الوزير الأول عبد المجيد تبون و رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حدَّاد .
يمكننا أن نضيف تعليقا بسيطا ندعو علي حداد و أمثاله و الذين يريدون مكانه الإستفادة منه و هو المثل الشعبي الشهير الذي يقول " لا تبتعد من السلطة فتبرد و لا تقترب منها فتُحرَق "
0 Comentair:
Post a Comment