أول أمس الأربعاء تم إلقاء القبض على 8 أشخاص متلبسين في إشعال حرائق في غابات الطارف , بينما تم القبض على شخصين آخرين في مناطق متفرقة من البلاد , مما يدل بوضوح على أنه هناك أيادي تسعى فعلا إلى تدمير الغطاء النباتي الجزائري , ليس هذا فقط بل تسعى لتدمير ما تبقى من قدرات زراعية وفلاحية للجزائر فبينما أهلكت نيران تيزي وزو 90 بالمئة من أشجار الزيتون و المراعي الجبلية التي يسترزق منها سكان المنطقة , بينما إندلعت نيران أخرى في كل من سوق أهراس و جيجل و بجاية و الطارف و خصوصاً المدية و البليدة لتهلك معظم المستثمرات الفلاحية و المنشآت الزراعية التي تزرع فيها بعض الخضر و الفواكه التي حققت فائضا كبيرا هذه السنة و هي الطماطم و البطاطا و بعض المنتجات الأخرى .
و ما يزيد من الحيرة هو عجز السلطات عن توفير الإمكانيات اللاَّزمة للسيطرة على النيران , فكما يبدو هناك عجز واضح و فشل كبييير لأجهزة الحماية المدنية و الجيش و حماية الغابات في تحقيق الحماية المطلوبة لغطائنا النباتي الذي نتغنى به , ليس الإمكانيات فقط هي الغائبة بل حتى آليات مراقبة الغابات و تنظيفها و الإهتمام بها غائبا بشكل كامل , حيث و من شبه المستحيل معرفة من هو المتسبب في الحرائق الكبرى التي مست كل الولايات الساحلية للوطن حتى ولو أقيم مليون تحقيق , فلا وجود لا لمراقبة آنية ولا أي شيء !!
و هنا علينا أن نتسائل ماهو عمل مديرية المحافظة على الغابات يا ترى ؟ فهم لا يمتلكون أي شيء لا سلاح للدفاع المباشر ولا مواد كافية لإطفاء النيران المستعرة و لا إمكانيات إلكترونية لازمة لمراقبة الغابات صباحاً و ليلاً , بالإضافة إلى الفقر التام لجهاز هام و هو الحماية المدنية كيف يعقل أن جهاز الحماية المدنية لدولة بحجم قارة مثل الجزائر لا يمتلك ولا طائرة واحدة لإطفاء النيران من الجو و خصوصا المناطق الجبلية التي يستحيل تماما على الشاحنات البسيطة أن تدخل إليها بأي طريقة كانت , بينما نرى دول متقدمة مثل روسيا تتجهز بإستمرار بمدرعات خاصة لإطفاء النيران تتوغل في المناطق الوعرة بكل أشكالها . هذا لا يكون سوى غباء إستراتيجي في قيادات الحماية المدنية و حماية الغابات , من المفروض أن لكل جهاز من أجهزة الدولة مخططين و مدراء و مسؤولين يملكون ولو جزء بسيط من نظرة إستشرافية بعيدة المدى و على الأقل من المفروض أن قيادات هذه الأجهزة يضعون كل الإحتمالات أمام الطاولة , فماذا لو كنا في حالة حرب ضد دولة ما ؟؟؟؟؟ كيف سيكون مصيرنا !!! هذه مجرد عصابات سيطرة على الولايات الساحلية بكاملها فقط بمجرد إشعالها للنيران .
وبالتأكيد لن يقع اللوم كله على المسؤولين السابق ذكرهم , بل يقع جزء منه على أفراد الشعب كذلك , فلا أحد ينكر أنَّ الزوار المحليين يتلذَّذون بترك أوساخهم ليتباهون بها أمام الجميع في غاباتنا النضرة , فعلا تنقصنا ثقافة النظافة بقوة فنحن شعب لا يهتم لنظافة محيطه و هذا لا ينكره أحد , و لا تحتاج لتكون عالم بيئة حتى تعرف أن الأوساخ تضاعف مئات المرات قدرات إنتشار النيران حتى و بدون وجود رياح , فما بالك برياح قوية مضاف إليها تلك الأوساخ الجميلة لتضيف للنيران رونقاً و بهاءًا .
و نأتي الآن للجزء الأهم من القصة , ذكرنا في العنوان أعلاه " من وراء حرق غاباتنا !! " يُجمع المحققون الأكثر خبرة في العالم على قاعدة مهمة تُسهِّلُ معرفة من المتسبب في أي حادثة و هي قاعدة من المستفيد , و هنا قد نلجأ إلى إحتمالات معينة أولها هي الدول الاوروبية الزراعية " إسبانيا و إيطاليا " ذلك لأن المحاصيل المتضررة بشكل كبير هي نفسها التي تنتجها تلك الدول بقوة , و كما هو معلوم فإن الجزائر كانت دائما تحقق إكتفاءا ذاتياًّ ولو بشكل غير مستمر مثل الطماطم و البطاطا و الفواكه المحلية مثل التفاح و الإيجاص و البرتقال. لكن بالنسبة لزيت الزيتون فهو إكتفاء شبه مستمر بصفة سنويَّة , و بالتالي فمن مصلحة تلك الدول المذكورة سابقا أن تباد كل المحاصيل الجزائرية في مايخص هذه المواد لكي يكون أمر تصريف منتجاتها لدينا أسهل من شرب الماء و لا داعي للتذكير بأنها ستجني منَّا أموالاً طائلة , و المتهم المحتمل الثاني هو جارنا الشقيق المغرب وكما هو معروف فإن المغرب دولة زراعية بإمتياز و تمتاز بمساحات زراعية لمحختلف المواد الغذائية شااسعة تسمح لها و بقوة للدفع بإقتصاد زراعي رائد في المنطقة و القارة , و من غير المستبعد أن تكون وراء هذه الحرائق لأنها ستكون المستفيد الأكبر هي أيضا .
أمَّا الإحتمال الثالث فهو يخص أموراً داخلية أولها هي الجماعات الإرهابية , و التي قد تكون تنظيماتها و راء هذه الحرائق لعدة إعتبارات خبيثة معروفة لا داعي لتكرارها كل مرة , و الإحتمال الرابع هو أن يكون رجال المال و الأعمال الذين يبحثون عن إقامة مناجم أو مستثمارات عقارية أو شيء من هذا القبيل و الأرض المحروقة كما تعلمون تخرج عن نطاق الأراضي الزراعية التي يمنع القانون الجزائري من البناء فيها .
ومما لا شك فيه أن هذا كله يشكل نية خبيثة تستهدف تدمير ممنهج لغاباتنا و مناطقنا الزراعية , و على الدولة أن لا تستمر في غبائها المطلق خصوصاً أجهزة حماية الغابات و الحماية المدنية الذين توجه لهم تهم عدم الإستعداد لمثل هذه الطوارىء و نقصد هنا القيادات التي من المفروض أن تخطط لكل شيء و ليس الذين ضحو بالنفس و النفيس و بالإمكانيات الشحيحة التي وفرتها لهم القيادات الهزيلة لهذه الأجهزة . و ندعو السلطات أن تضع عقوبة الإعدام في وضع التنفيذ للقضاء على الكائنات المتسببة في هذه الكوارث لا يجب أن تبقى على قيد الحياة .
0 Comentair:
Post a Comment