كما هو متوقع من تركيا المتضرر الأكبر من الحركة الإنفصالية الكوردية , قام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالإعلان عن جملة من الإجراءات التنفيذية لمواجهة هذه الظاهرة التي قد تشكل مستقبلاً خطرا حقيقيا على الوحدة الترابية لتركيا خصوصا و أنها تحوي قومية كوردية متعصبة للإستقلال بنسبة كبيرة جدا حيث يسيطرون ديموغرافياًّ على أكثر من خمسة و عشرين بالمئة تقريبا من المساحة الإجمالية لتركيا يقطنها أكثر من عشرين مليون تركي من القومية الكوردية , و يتزعمهم حزب العمال الكورديستاني تحت قيادة عبد الله اوجلان مؤسس الحزب , و قد خاضت تركيا حروبا و نزاعات تاريخية مع هذه القومية داخل و خارج التراب التركي , و كثيرا ما تقدَّمت القوات التركية في شمال العراق لمطاردة المسلحين الكورد , الذين دائما ما يطالبون بالإنفصال و تشكيل دولة كوردية على أنقاض تركيا و العراق و سوريا و إيران .
من أولى الإجراءات التي أمر بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان , هي غلق الحدود الجوية و البرية مع إقليم كورديستان العراق ذا الحكم الذاتي , لمنع تنقل و إنتقال السلع و الخدمات و الأشخاص من و إلى كورديستان , و هذا بالطبع للتضييق أكثر على إمكانيات تسريع و تيرة الحركة الإنفصالية الكوردية و التي قد تتمدد للأراضي التركية , فيما إنطلقت مناورات عسكرية تركية في الحدود ما بين تركيا و إقليم كورديستان لإظهار الإستعدادات العسكرية لمواجهة المد الإنفصالي في حال إعلان مسعود البرزاني لإستقلال إقليم كورديستان العراق في الإستفتاء , و إستجابت تركيا في الوقت ذاته لمطالب بغداد المركزية بإغلاق كل أنواع التعاملات مع إقليم كورديستان , كما هدَّد اردوغان بوقف إستوراد النفط من الإقليم في حال الإستقلال , موضحا إلى أن زمام الأمور في يد أنقرة للسماح أو منع تصدير النفط الكوردي .
و يحاول الرئيس التركي من جهته السعي وراء إيجاد توافق دولي للوقوف ضد تحركات التنظيمات الكوردية الداعية لتشكيل دولة جديدة في الشرق الأوسط , قد تخلق جوا جديدا من عدم الإستقرار و اللا أمن في المنطقة مما قد يؤثر على المصالح الغربية هناك , و هذا ما يظهر في تصريحات العواصم الغربية و الأمم المتحدة المنادية لمنع إستقلال كورديستان على الأقل في الوقت الراهن .
ويضيف الرئيس التركي في اللقاء الأخير الذي جمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين " مايؤسف هو أن منطقتنا أصبحت مؤخرا أكثر هشاشة , الإستفتاء على إستقلال كورديستان العراق ليس شرعيا لا من حيث الدستور العراقي و لا القوانين الدولية , و للأسف إرتكبت الحكومة الإقليمية خطأً كبير بإجراء الإستفتاء ".
و ينتظر الجميع المستجدات القادمة في ما يخص الموضوع , خصوصا و أنَّ قضية إستقلال كورديستان أصبحت دولية و إقليمية أكثر من ما هي عراقية محلية , و الأكثر من ذلك فإن هذه الحركة التي قامت بها الأحزاب الكوردية قد وسَّعت و غرست الفكر القومي الكوردي في الأفراد و عزَّز ذلك الإستفتاء الأخير الذي كانت نتيجته أكثر من ثلاث و تسعين بالمئة من الموافقين على الإستقلال من بين ثمان وسبعين بالمئة من المشاركين في الإستفتاء .
الشرق الأوسط في خطر
ReplyDelete