الـ OPEC تفرض إستقرارا لسوق النفط في إجتماع الجزائر الثاني
الـ OPEC تتفق على عدم الزيادة في إنتاج النفط
الدول الأعضاء قررو بالإجماع مواصلة العمل بإتفاق الجزائر
إجتمعت اليوم الدول الأعضاء في منظمة الاوبيك و الدول الحليفة لمنظة الاوبيك في الجزائر لثاني مرة مُمَثَّلةً في وزراء الطاقة والنفط والبترول من كل الدول , وهذا تبعاً للإجتماع الأول الذي جمعهم في سنة 2016 تحت نفس المظلة في الجزائر أين وقَّع المجتمعون على إتفاق تاريخي بإعادة توحيد الجهود من أجل التحكم في الأسعار مرة أخرى ووضع حد للتجاوزات الداخلية بين الأعضاء , و هو ماأثر بشكل إيجابي على توازنات سوق النفط بحيث شهدنا بعدها مباشرةً إعتدال في مستوى اسعار النفط و وصل الآن إلى حدود 79 دولاراً للبرميل .
شهد هذا الإجتماع الوزاري العاشر ضغوطا أمريكية كبيرة قبيل بدءه فقد سبق و أن صرَّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح عدائي يهدد فيه الدول الحليفة للولايات المتحدة " بالتحديد دول الخليج " و يطلب منها رفع الإنتاج من أجل تخفيض أسعار النفط , و جميع المحللين السياسيين و الإقتصاديين وضعو نصب أعينهم على القرارات المنتظرة من وزير الطاقة السعودي و العديد من الملاحظين والمراقبين كانو يتوقعون إختلافات كبيرة و عدم الإتفاق على أي شيء بسبب تهديدات ترامب .
لكنه في آخر المطاف حدث عكس ذلك و إتفق الجميع على الإستمرار في إحترام بنود إتفاق الجزائر الذي خرج به أعضاء المنظمة في جوان 2016 حين كان السوق النفطي يعيش أسوء حالاته بسبب تدفق كبير للعرض و إختلال كبير في الأسعار مما اثر بشكل سلبي ومباشر على إقتصاديات الدول الريعية مثل الجزائر و فينزويلا .
لكن كيف تمكَّنت دول الخليج من عدم الإذعان لقرارات ترامب ؟ , و لماذا إتفقت كل الدول الأعضاء في منظمة الاوبك و حلفاء منظمة الاوبك بالرغم من الخلافات الشديدة النابعة من التكتلات السياسية ؟ . يمكننا أن نتطرق لهذا من خلال عنوان المصالح الإقتصادية و إنطلاقا من مقولة " لا يوجد حليف دائم ولا صديق دائم بل توجد مصالح مشتركة " وهنا مربط الفرس , فعند النظر إلى وضعية إقتصاديات الدول الكبرى المنتجة للبترول و المؤثرة في سوق النفط و أبرزها دول الخليج و روسيا , فبالنسبة للمملكة العربية السعودية نرى أنَّ تحركاتها تستهلك الكثير من المال من خلال الحرب المُكلِفة التي تقودها في اليمن و من خلال المشاريع التنموية الكبرى التي تقيمها حسب نظرة المملكة 2030 و النقص الكبير في ميزانية المملكة و أزمة البطالة المفاجئة , إضافة إلى العديد من الضغوطات داخل العائلة المالكة الداعية إلى العمل على زيادة دخل المملكة من أجل سد حاجياتها و سد العجز المسجل في الميزانية , أما بالنسبة للبقية دول الخليج المشاركة في الحرب على اليمن فهي تقريبا تقاسم السعودية الأهداف , و الدافع الحقيقي الذي يجعل دول الخليج لا تأبه لتهديدات ترامب الجديدة هو أنَّها سبق و أن دفعت قرابة الترليون دولار كقيمة لشراء الأسلحة " ترليون هي قيمة شراءات دول الخليج مسجتمعةً تقريباً " وبالتالي فإنَّ ترامب ليست لديه قدرة ضغط إضافية على دول الخليج مثلما كانت في السابق و دول الخليج أيضا تعلم أن ترامب يعاني من مشاكل داخلية كثيرة ولم تعد له نفس هيبة التي كانت في البداية .
أما فيما يخص إقتصاد الدولة الروسية فهو معني بهذا القرار لأنَّ روسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم و ميزانيتها تتأثر فعلاً بأسعار النفط العالمية و لديها مصلحة كبيرة في توازن هذا السوق , بينما تبحث إيران عن إستغلال أكبر لهذا الإستقرار قبل موعد بدء فرض العقوبات الإقتصادية الأمريكية على إيران و و هذا بالرغم من الوعود الاوروبية بعدم الإنصياع لهذه العقوبات إضافةً للتعامل الإقتصادي في مجال المحروقات الكبير بين إيران و الصين , حيث تسعى إيران لجعل الصين شريكاً إقتصادياً إستراتيجياً نظرا لعامل العقوبات الأمريكية الموجه ضدهما مجتمعين .
وبالحديث عن إقتصاديات الدول المتبقية و بالتحديد الجزائر و العراق و ليبيا و فينزويلا فهي تقريبا متشبثة بأي أمل للمحافظة على الأسعار الحالية لأطول مدة ممكنة أو لرفعها تدريجياً ولا أمل آخر لديها , فالعراق و ليبيا تعيش حروباً بينما فينزويلا تعيش أكبر أزمة تضخم في التاريخ و الجزائر تعيش بوادر أزمة إقتصادية حادة تسير إليها تدريجياًّ , بالرغم من أن مستويات الأزمة تختلف بين العراق و ليبيا و الجزائر و فينزويلا إلاَّ أنَّ إعتمادهم الأساسي على النفط يجعلهم يعملون بأقصى مايمكن من أجل إستقرار السوق .
إنَّ تشابه المصالح و إلتقائها جعل الدول الأعضاء بعيدة عن ضغوطات الإقتصاديات الكبرى المستهلكة للبترول ولكن يبقى هذا المستوى نسبي و مؤقت نوعا ما , فالعقوبات الأمريكية على إيران قد لا تفعل شيئا وهو مايسمح ببقاء الوضع على حاله لكن مع نزول تدريجي للأسعار , و إذا حدث العكس و إرتفعت الأسعار مرة أخرى تدريجيا بفعل العقوبات على إيران و بالتأكيد لا يوجد بلد يمكنه تعويض إنتاج النفط الإيراني و مع تزايد الأوضاع سوءا في كل من ليبيا و اليمن إضافة إلى التجاذبات السياسية بين إيران و أمريكا , فقد يفوق سعر النفط عتبة الـ80 دولارا و يطول هذا الإرتفاع إلى 90 دولارا للبرميل , لكن هنا قد نصل للعتبة بسبب إمكانية تدفق عرض إنتاج النفط الصخري الذي يبدأ إنتاجه عند عبتة الـ70 دولارا بسبب تكلفته العالية , و ممكن أن تتدفق من جديد الإحتياطيات الأمريكية الضخمة من النفط لزعزعة إستقرار السوق من جديد .
هذا يعني أن إستمرارية قدرات منظمة الاوبك في السيطرة و التحكم في فرض أسعار عادلة للنفط مرتبطة أساساً بتحقيق توازن في الأسعار وليس رفعها بشكل تصاعدي دائم لأنه يحفز تدخل أطراف أكثر قدرة على التحكم من منظمة الاوبك وهي أطراف كانت مستهلكة للنفط و الآن أصبحت منتجة و مصدرة للنفط " الصخري " .
وتبقى مشكلة الإقتصاد الجزائري هي إرتباطه الكامل بأسعار النفط , فبالرغم من كثرة الحديث عن مستقبل إقتصاد البلاد المتنوع إلاَّ أننا نشهد إستثمارات بنسبة 70% من إستثمارات سوناطراك في قطاع المحروقات , وهذا يعني أن الجزائر ليست مستعدة إطلاقا للتخلي عن إقتصادها الريعي غير الدائم .
0 Comentair:
Post a Comment