شنت مختلف أجهزة الإعلام الغربية و الخليجية حملة واسعة للدفاع عن قضية الصحفي السعودي جمال الخاشقجي الذي لقي حدفه داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بعد أن تمَّ قتله من قبل مجهولين , ولكن كما ذكرنا من قبل في مقال سابق لم و لن تكون أي قضية إنسانية تدافع عنها أي جهة من دون مقابل أو من دون مصالح , فالغريب في الأمر أن الغرب تغاضى عن مليون حالة سنوياًّ في العراق و اليمن و سوريا و بقية العالم و إلتفت فجأةً بقضية الخاشقجي الذي لم يكن أغلبنا يعرفه إلاَّ بعد أن قُتِل , صحيح أنه خطأ جسيم لايمكن إطلاقاً أن يمر مرور الكرام , لكن ما حدث في مؤتمر دافوس الصحراء الإستثماري التي تنظمه المملكة العربية السعودي و تعرض فيه فرص الإستثمار في السعودية , يدل و يؤكد على نظرية المصالح وراء تدويل و تضخيم قضية الخاشقجي .
فقد إنسحبت من المؤتمر أسماء ثقيلة جداًّ و اثرت بشكل سلبي للغاية على سيرورته و هي :
* آندرو سوركين الكاتب الصحفي في صحيفة نيويورك تايمز . * صحيفة نيويورك تايمز التي سحبت رعايتها للمؤتمر . * كريستين لا غارد مديرة صندوق النقد الدولي . * رئيس تحرير مجلة " ايكونوميست " زاني مينتون بيدوس . * آرينا هافينغتون مديرة " ثرايف غلوبال " و التي إستقالت من منصبها في المجلس الإستشاري للمؤتمر . * باتريك سون شيونغ مالك صحيفتي " لوس أنجلس تايمز " و " دايلي بوست " . * قررت كل من سي إن إن و سي إن بي سي و فايننشال تايمز و بلومبيرغ إلغاء رعايتهم للمؤتمر . * شركة نيكي اليابانية للإعلام . * الرئيس التنفيذي لشركة " فياكوم بوب باكيش " . * ستيف كيس المؤسس المشارك لـ Aol و رئيس مؤسسة Case . * الرئيس التنفيذي لشركة " اوبر دارا " . * رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم . * جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لشركة " جي بي مورغن شايس " * لاري فينك الرئيس التنفيذي لشركة " بلاك روك " . * ستيفن شورازمان الرئيس التنفيذي لشركة " بلاكستون ". * بيل فورد رئيس مجلس إدارة شركة فورد . * ماجي بانغا , الرئيس التنفيذي لشركة " ماستر كارد " . * الرئيس التنفيذي لشركة " Sothby's Tad smith " . * ديفيد بترايوس رئيس معهد " KKR " . * ماي فو لي الرئيس المدير العام لشركة Sinovation Ventures . * ديان غرين مديرة فرع " كلاود " في جوجل . * الرئيس التنفيذي لشركة " فيرجن هيبرلوب وانز روب لويد " . * رئيس مجلس إدارة شركة غلينكور المتخصصة في التنقيب عن النفط توني هايوارد . * جون فلينت المدير العام لشركة " إتش إس بي سي " . * تيجان ثيام المدير العام لـكريدي سويس . * بيل وينتر الرئيس التنفيذي لشركة Standard Charetred * ديفيد بونديرمان المؤسس المشارك و رئيس شركة TPG Capital * ستايسي كانينغهام رئيس بورصة نيويورك . * براد كيويل , المؤسس المشارك و الرئيس التنفيذي لشركة Uptake
.
و بإنسحاب 29 شخصية مؤثرة فقد المؤتمر العالمي قوته و فعاليته لهذه السنة و هذا طبيعيا بسبب المشاريع و الإستشارات و التمويلت التي فقدها , و يذكر أنَّ مؤتمر دافوس الصحراء تم تأسيسه من قبل صندوق الإستثمارات العامة السعودي الذي يعتبر الذراع الإستثمارية للمملكة و أحد أكبر صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم , و الذي أطلق مبادرة " مستقبل الإستثمار " برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز .
و ثد تمَّ عقد الدورة الأولى منه في العاصمة السعودية الرياض في سنة 2017 برئاسة محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء و رئيس مجلس الشؤون الإقتصادية و التنمية و رئيس مجلس صندوق الإستثمارات العامة , و تم إطلاق إسم " دافوس الصحراء" على المؤتمر تيمناً بالمؤتمر العالمي للإستثمار بدافوس , وقد نجح المؤتمر سابقاً في جلب أكثر من 2500 شخصية إقتصادية مؤثرة في عالم المال و الأعمال من 60 دولة , ناقشو الفرص و التحديات التي ستشكل وجه الإقتصاد العالمي و البيئة الإستثمارية في العقود الأخيرة , لدرجة أن العديد من الخبراء المتابعين للشؤون الإقتصادية وصفو مؤتمر دافوس الصحراء بالتحول في مركز القوة الإقتصادية في العالم إلى العاصمة السعودية الرياض , ويأتي عنوان مؤتمر دافوس الصحراء لسنة 2018 تحت عنوان " خارطة الطريق للقرن الثاني و العشرين " .
كل هذا الزخم حضيت به المملكة العربية السعودية إثر تنظيمها لهذه المبادرة الإستثمارية الكبيرة , لكنَّ قضية الخاشقجي التي تم تضخيمها إعلامياً لم تكن في صالح المملكة السعودية إذ أن إنسحاب 29 إسم ثقيل يؤثر على مستقبل توافد المستثمرين و المستشارين إلى السعودية , وهنا تظهر حقيقة هذا الإهتمام الإعلامي الغربي غير المسبوق بقضية إنسانية كانت متورطة فيها السعودية .
فكما يبدو أن الجميع أصبح يبحث عن الضغط بكل مايمكن من أجل الظفر بعقود إستثمارية قوية من المملكة العربية السعودية , و في مقابل هذا يتم السكوت عن قضية الخاشقجي و كما يظهر فإن المملكة السعودية ترفض الإبتزاز لذلك قامت هذه الكتلة الإقتصادية الكبرى بالضغط لاقصى درجة و هذا بإنسحابها من المؤتمر الإستثماري الضخم الذي تنظمه السعودية , و هذا كافي لضرب مشاريع السعودية المستقبلية في الصميم .
و من المعروف عن الغرب السياسي أنَّه يمارس ضغوطا بكافة الأشكال على الدول من أجل إغتيالها إقتصاديا و هذا للحصول على أكبر تنازلات ممكنة , و في هذه الحالة يتم إستغلال قضية الخاشقجي التي يُتَعَمَّدُ تضخيمها للحصول على أكبر مايمكن الحصول عليه من مكتسبات إستثمارية , خصوصاً و أنَّ من يرعى هذا المؤتمر هو من اضخم الصناديق السيادية في العالم " صندوق الإستثمارات العامة السعودي " , و لا ننسى أيضا أن المملكة تحاول العمل على إنجاح رؤية " المملكة 2030 " بجعلها تصبح وجهة سياحية و إستثمارية و إقتصادية كبرى مثل الإمارات العربية المتحدة , ولن يكون لك ممكننا من دون إنجاح هذه المبادرات الإستثمارية العالمية التي تجلب رؤوس الأموال من كل حدبٍ و صوب .
0 Comentair:
Post a Comment