970x90 شفرة ادسنس

السعودية في أحضان موسكو | زيارة تاريخية للملك سلمان إلى روسيا


السعودية في أحضان موسكو  !!

زيارة تاريخية للملك سلمان إلى روسيا بعد قطيعة دامت لعقود

يزور الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز روسيا الإتحادية لأول مرة منذ آخر زيارة رسمية للملك فيصل أثناء حكم جوزيف ستالين للإتحاد السوفياتي , أين شهدت العلاقات بين الطرفين طوال هذه المدة خلافات و قطيعة طويلة من كل النواحي , و خصوصا بشأن الأزمة الكبرى في سوريا , أين ظلَّت المملكة العربية السعودية متمسكة بموقفها المتضمن رحيل الأسد الحليف الإستراتيجي لموسكو , و مايزيد حدة الخلاف بين الطرفين هو العلاقات المتميزة للغاية بين المملكة العربية السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية الغريم التقليدي لروسيا حيث أننا دائما ما كنا نشهد تجسيداً للتَّبعية السُّعودية لواشنطن يظهر في المواقف السعودية في القضايا الإقليمية و الدولية .
 فهل تسعى المملكة السعودية إلى نسج علاقات متنوعة بين كل الأطراف الفاعلة في المنطقة و العالم لتحقيق التوازن في علاقاتها الخارجية و لكي لاتضع كل البيض في سلَّة واحدة !! أم أنَّ هذا مجرد تودد لموسكو ؟؟

بطبيعة الحال منطقياًّ لا يمكن إطلاقاً القول بأنَّ هذه الزيارة هي مجرد تودد لروسيا , فكما هو معروف العلاقة بين الدول تحكمها المصالح .فماهي إذًا المصالح السعودية مع روسيا و ماهي المصالح الروسية مع السعودية ؟

قبل التطرق لهذا السؤال علينا أوَّلا معرفة الجو السياسي و الإقتصادي التي تعيشه روسيا و السعودية , كما علينا أيضا معرفة التوجهات الكبرى التي تسير فيها كل من المملكة و موسكو في بناء إستراتيجياتهما الإقتصادية و السياسية و الثقافية , كما علينا بالطبع الإهتمام بما آلت إليه الأوضاع في الشرق الأوسط و التي تجلب إهتماما عالمياًّ نظراً لقيمة المصالح هناك .

إذا نظرنا نظرة سياسيَّة من ناحية روسيَّة فنرى أنَّها تعيش تحت حصار و تطويق غير مُعلَن حتى و إن كان دون تأثير عملي على الأرض , فمن المعروف للجميع أنَّ دول حلف الناتو تعمل جاهدةً على تطوير منظومات الدفاع الصاروخي على الحدود مع روسيا لمواجهة روسيا كإحتمال ضربها لاوروبا بالرغم من أن هذا مستحيل إلاَّ أنها تُستعمل كورقة ضغط سياسية و حتى إقتصادية لمحاولة تقزيم الدور الروسي العالمي , و كما نعلم أيضا في هذا السياق أنَّ الدول الغربية لم تستسلم فيما يخص قضية شبه جزيرة القرم التي إسترجعتها روسيا إضافةً إلى الأزمة الاوكرانية التي لم تهدأ بعد , و إن أردنا البحث فعلاً عن دور روسي مؤثِّر فلن نجد أكثر من ما تلعبه روسيا في القضية السورية , بوقوفها الدائم و الثابت مع الدولة السورية و على رأسها الرئيس بشار الأسد ضد كل من يحاول إزالة وجود الدولة هناك لغايات سياسية و إقتصادية إستراتيجية تهدف إلى تغيير خريطة الشرق الأوسط لصالح مستفيدين جُدُد بعد إنتهاء صلاحية إتفاقية سايكس بيكو " 100 عام " التي قسَّمت الشرق الأوسط كما هو عليه الآن .
 ما يزعج روسيا في هذا الأمر حقيقةً ليس خوفاً على الشعب السوري بل على النفوذ الروسي في المياه الدافئة و تحديدا البحر الأبيض المتوسط , و هذا تحديدا كان الهدف الرئيسي لقيام روسيا بحروب تاريخية ضد الدولة العثمانية و كل من يعترض طريقها نحو المياه الدافئة بالبحر الأبيض المتوسط , في محاولةً منها لمُجارات الزحف الأمريكي على كل النقاط البحرية في العالم , و يعلم الجميع أنَّ روسيا لم يتبقى لها سوى نقطة وحيدة في البحر الأبيض المتوسط و هي القاعدة البحرية العسكرية الواقعة في مدينة طرطوس السورية , و هي بالذات التي تسعى روسيا لحمايتها و تقوية تواجدها عن طريقها , حيث تَعتبِر روسيا تلك النُّقطة محطَّة إستراتيجية خصوصا في الأمور العسكرية أين تُمكِّن الوحدات البحرية الروسية من التواجد المستمر في المياه المتوسطية ندًّّا للند مع القوات الغربية الأخرى .
ّ
أمَّا الأحوال الإقتصادية الروسية فهي تمضي في تقدم إيجابي خصوصا في ميدان إنتاج الأسلحة , فالدعاية العالمية للقضية السورية إستغلتها روسيا أحسن إستغلال لتسويق أسلحتها بطريقة جد ذكية , فمن جهة لا يوجد أقوى وسيلة إقناع و تأثير في السوق المحتملة أكثر من التجريب على الأرض و في المعارك أين تظهر الفعالية الحقيقية للأسلحة , و نستطيع أن نلحظ بشكل واضح النتيجة أين إرتفعت مبيعات الأسلحة الروسية إلى ثلاث أضعاف مقارنة بأوقات السلم , و آخر ماأثار الجدل هو إقتناء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسي S-400 و هي الدولة العضو في حلف الناتو .

أمَّا إذا نظرنا نظرة سياسيَّة من ناحية سعوديَّة فنرى أنها تعيش في وسط مستنقع صمَّمته هي بنفسها , كيف ذلك ؟.
خدودها الشمالية مع العراق مهدَّدة أمنيًّا بإستمرار بفعل الإضطرابات السياسية في العراق , و التي كانت للسعودية يدا كبيرة في خراب العراق تاريخيا بتحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية لضرب صدَّام حسين الأمر الذي أدَّى إلى ظهور إنقسامات عديدة في العراق , كذلك حدودها الجنوبية و التي تعيش الجحيم بسبب الأزمة اليمنية و التي هي أصلا من صنع و تعليب السعودية  فهي التي تقود الحرب هناك تحت لواء التحالف العربي ضد الحوثيين الشيعة لمدة تزيد عن السنتين , كما تكون حدودها الغربية مُفعمة بالشحن و العداء ضد قطر التي تفرض عليها هي و الإمارات و مصر و البحرين حصارا و مقاطعة , و من جهة الأخرى و ماوراء البحر توجد إيران الغريم التقليدي للسعودية و التي تعتبرها السعودية عدوًّا يجب القضاء عليه .

المملكة العربية السعودية و بالرغم من مراهقتها السياسية تُعتبر العنصر المحوري الفاعل في المنطقة و هذا ماتفرضه عليها مساحتها التي تغطي أكثر من 60% بالمئة من شبه الجزيرة العربية , بالإضافة إلى الأهمية الكبرى للعامل الديني الذي يجللب تعاطفاً كبيرا لأغلب مسلمي العالم بإعتبار المملكة العربية السعودية هي الحاضنة للمناطق الإسلامية المقدسة " مكَّة المكرمة و المدينة المنورة " كما أن الملك يُنصِّبُ نفسه خادماً للحرمين الشرفين و هذا ما يعطي الصبغة الدينية للملكة العربية السعودية , و من هذا المُنطلق تلعب السعودية دورا بارزاً في ساحة المشرق العربي و تتصدر قراراتها و مواقفها الجرائد و الصحف في العالم العربي . كما لا ننسى أنَّ المملكة هي الأولى عالميا في إنتاج النفط و تحوز على نسبة عشرة بالمئة من الإنتاج السنوي العالمي بإنتاج يقارب العشرة ملايين برميل سنويا , و لها أسواق واسعة كما أنَّها محل أطماع الكثيرين أوَّلهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تتقاضى من السعودية ما يقارب 20% من الميزانية العامة لقاء حمايتها , مثلما تفعل مع كل دول الخليج العربي و خصوصا الكويت . و السعودية تستغل سيادتها على السوق العالمي للنفط في القضايا السياسية  و هذا ما حدث في سوريا تحت غطاء تمويل و تسليح المعارضة السورية لمحاربة النظام السوري .

و إذا نظرنا نظرة إقتصادية شاملة أكثر فسنستنتج أن المملكة العربية السعودية تحشر أنفها في كل الملفات بدون فائدة و لا نتيجة إيجابية لها سوى جلب المذلة و الهزائم و الخسائر المالية و الإقتصادية الفادحة للدولة و لمؤسساتها , و لا داعي لتعدادها لأنها واضحة بكثرة في الحرب على الحوثيين في اليمن و تمويل المعارضة في سوريا و لا ننسى أيضا الدور الذي أدته في ليبيا ولو كان بسيطا مقارنةً مع قطر و الإمارات العربية المتحدة . 

وما يزيد الطين بلة هو إنهيار تام لأسعار النفط في السوق الدولية و رفع الحضر الدولي على النفط الإيراني المنافس للسعودية , قد يقول البعض أن السعودية خرجت سنة 2014 بصندوق سيادي نتيجةً لزمن البحبوحة المالية المتأتية من الإرتفاع الكبير لأسعار النفط و هو مايُمكِّنُها من تفادي الوقوع في أي أزمة إقتصادية على الأقل في المدى القريب , لكن للأسف الشديد فقد شرعت العديد من المؤسسات الحكومية و الخاصة بكل فروعها و أنواعها في تسريح الموظفين و إيقاف نشاطاتها بسبب التقشف , و فرضت السعودية و دول الخليج لأول مرة الضرائب , كما أرغم الضرر الكبير الذي مسَّ الإقتصاد السعودي على القبول بالطرح الجزائري في المؤتمر العالمي لمنتجي النفط في الجزائر العاصمة  الذي يقضي بخفض الإنتاج للحفاظ على سعر متوازن للنفط .


الآن و من خلال هذه المعطيات الشاملة يمكننا الحديث عن دواعي زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا , و يمكننا أيضا تحديد بعض المصالح الكبرى للبلدين .

فمن ناحية روسيَّة نستطيع أن نعتبر الصفقات التي تم عقدها مع الشريك السعودي - كما سماه بوتين تحاشياًّ لكلمة حليف - إقتصاديّة بإمتياز فشراء منظومات الدفاع الجوي آس - 400 و عقد العديد من الصفقات في مجال الطاقة و صفقات أخرى تدل على أنَّ المصالح الإقتصادية طاغية في مواضيع زيارة الملك إلى روسيا , و هو الأمر الأكثر إيجابيةً للطرف الروسي من حيث ولوجه لسوق واعدة جديدة و هي السوق السعودية .

بينما يستفيد الطرف السعودي من شريك إقتصادي جديد قد تتطور العلاقات معه لتصبح بدرجة أقرب إلى حليف إستراتيجي , حتى يتسنى لها الإستفادة فيما بعد في المجال السياسي من غطاء روسي و الخروج بعض الشيء عن التبعية الكبرى للولايات المتحدة الأمريكية التي تملك القرار هناك بصة كبيرة , كما أن طبيعة الإتفاقيات الجديدة تخدم الرؤية السعودية التي رسمتها لبلوغ مستويات متقدمة سنة 2030 , فمن الناحية الإقتصادية ستتوسع القاعدة التجارية السعودية لتشمل أسواق و تعاملات و تدفقات جديدة , و من الناحية السياسية تسعى السعودية لتكون أكثر تفتُّحاً على العالم الخارجي و نسج علاقات مع كل الأطراف , و هذا سيساهم بشكل جد فعَّال لتحقيق إستراتيجية رؤية 2030  , على الأقل ستتمكَّن السعودية من أن تصبح نقطة سياحية مهمة ومنفتحة أمام كل الثقافات و الأفكار .

لكن العائق الأكبر هو أنَّ الدول الكبرى تعلم و تعرف القيمة الحقيقية للسعودية , فتاريخها حافل بالتبعية للدول الكبرى إقتصادياًّ و سياسيًّا , لطالما كانت و لا تزال تخدم مصالح أجنبية  حتى و إن كانت تلك المصالح تؤدي للفتك بمسلمين آخرين  مثلما هو حاصل في سوريا و مثلما حصل في ليبيا , و مجموعة البريكسا تعلم جيِّداً أنَّ السعودية لا تعدو سوى أن تكون خادماً لمصالح دول ما , فحتَّى الرئيس الروسي إستخدم كلمة شريك بدل حليف التي كان يتغنى بها الإتحاد السوفياتي عندما ينسج علاقة جديدة مع أي دولة , نظرا لأن سياسة السعودية دائما متغيرة و مزاجية و نرجسية لا يمكن توقع خطواتها و ميولاتها , بالإضافة إلى أنَّها لاتمتاز بالثبات في مواقفها السياسية إتجاه القضايا المفصلية , يبقى أمام السعودية إستعمال العامل الإقتصادي كرأس حربة لتغيير النظرة العالمية للمملكة العربية السعودية .

شاهد التحليل الشامل لمواضيع زيارة الملك السعودي لموسكو


 



  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك

0 Comentair:

Post a Comment

Item Reviewed: السعودية في أحضان موسكو | زيارة تاريخية للملك سلمان إلى روسيا Rating: 5 Reviewed By: AyoubVision
Scroll to Top
google-site-verification: googleeb9bb8d83dc3c4d3.html