هستيريا الطلب على المياه المعدنية بسبب الكوليرا في الجزائر
أسعار المياه المعدنية ترتفع بسبب الكوليرا
الجهل و الجشع من أقوى آثار الكوليرا
إستغرب تجار الجملة و التجزئة من التهافت السريع و الخرافي على إقتناء المياه المعدنية بكميات كبيرة في وقت قياسي جدًّا حيث لم يُحضِّرو الكميات الكافية أمام الطلب السريع و الكبير خصوصاً من سكان الجزائر الوسطى الذين كانو خائفين بشدة من إنتقال مرض الكوليرا إلى أوساطهم أكثر بكثير من المناطق الأخرى , هذا الطلب الكبير في الوقت القصير أتاح فرصة ذهبية ليكتسح الجشع السوق بحيث رفع المضاربون من سعر المياه المعدنية للقارورة الواحدة بـ30 دج إلى 40دج , حيث وصل سعر حزمة مياه معدنية إلى 200 دج .
وهذا إستغلال فاضح لحاجة المواطنين و للإقبال الكبير على هذه المادة الحيوية , لكنه من جهة أخرى كان ناتجاً عن جهل للمواطنين بأنَّ مصدر الكوليرا ليس في مياه الحنفيات ولو كان في مياه الحنفيات لكان زهاء 12 مليون قاطن بولايات تيبازة و البليدة و عين الدفلى و المدية و البويرة و الجزائر العاصمة قد أصيبو بالكوليرا لأنهم تقريبا يتشاركون في نفس مصدر مياه الحنفيات , و لكن لا يمكننا أن نلوم المواطنين بشكل مباشر .
الإعلام الوطني و الطريقة التي قامت بها وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات بإعلان عن عودة وباء الكوليرا في الجزائر و التراجيدية التي أظهرتها وسائل الإعلام في نقلها للحدث أجَّجت هي الأخرى من هذا القلق الجماعي , بينما يقول رئيس جمعية حماية المستهلك بأنَّ هذا القلق غير مُبرَّر , ويرى البعض أنه يتم إستغلال الأخبار الخارجة عن مستشفى القطاَّر ببوفاريك لتحقيق أرباح كبيرة و سريعة و من مصلحتهم إستمرار وتيرة تزايد الإصابات و توسُّع الرقعة المصابة و إرتفاع الحصيلة , من أجل الدفع بالمزيد من المواطنين إلى الشراء و تخزين المياه .
كل هذا مؤشر واضح على أنَّنا في حافة الهاوية , لماذا ؟؟ لأنه أولاً الكوليرا لا تنتشر سوى في الدول التي تعيش حروب أهلية طاحنة و فقر قاتل و مجاعات كبيرة , و ثانياًّ إكتشفنا جهل عامة الشعب بأبسط المعلومات الصحية و التي يحتاجها الجميع في الحالات الحرجة فهناك من الصحفيين من ذهب إلى القول أنَّ لحوم الأضاحي هي السبب , و ثالثاً هو الهستيريا الجماعية و الطلب الجنوني المفاجىء على المياه المعدنية و سوء تعامل الوصاية مع صياغة الإعلان و سوء تعامل الإعلام مع الموضوع و الإرتفاع الجنوني لأسعار المياه المعدنية في ظرف يوم واحد فقط بـ40 دج للوحدة كل هذا كان ويتم في زمن يقال أنه زمن الإستقرار و الأمن و الأمان , فنحن لا نعيش حربا أهلية ولا حربا قومية ولا أزمة مجاعة أو أزمة فقر كاسحة و بالرغم من ذلك فإن أزمة صغيرة جدا جدا جدا فعلت كل هذا !!!!
ماذا لو كنا في زمن الحرب ؟ ماذا لو كانت الكوليرا قد إنتقلت فعلاً إلى مياه الحنفيات ؟ ماذا لو كنا في العشرية السوداء و حصل هذا على نطاق وطني واسع ؟ المرض لن يفتك بنا لوحده بل ستنهينا آفة تسيير هذه الأزمة أكثر من الأزمة نفسها .
0 Comentair:
Post a Comment