السعودية تعترف رسمياًّ بمقتل الصحفي خاشقجي و تعيد هيكلة الإستخبارات
المملكة السعودية تعترف بمقتل الخاشقجي في القنصلية
توقيف 18 مسؤول سعودي و إعادة تهيئة جهاز الإستخبارات
أعلنت القناة الرسمية السعودية " الإخبارية السعودية " عن بيان للنائب العام الذي كُلِّفَ من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز بالتحقيق و متابعة قضية إختفاء الصحفي جمال خاشقجي , و الذي جاء فيه بأنَّ " بأن التحقيقات الأولية أظهرت وفاة المواطن جمال خاشقجي , وهذا بعد مناقشات بين بعض من في القنصلية و المواطن خاشقجي و التي تطورت إلى شجار و إشتباك بالأيدي أدى إلى وفاة خاشقجي , وقد حاولة الجهات المعنية إخفاء الحقائق " , و أكَّد النيابة العامة السعودية المكلفة من أعلى مستوى على أنَّ التحقيقات لا تزال مستمرة , وعلى إثر ذلك تمَّ إعفاء السيد أحمد عسيري نائب رئيس الإستخبارات العامة من منصبه و إعفاء سعود القحطاني المستشار في الأمن القومي للمملكة و إعفاء ثلاث من مساعدي رئيس الإستخبارات العامة وهم محمد الرميح و رشاد المحمادي و عبد الله المشايخ .
وتم إيقاف 18 ثمانية عشر شخصاً على ذمة التحقيق كلهم من الجنسية السعودية , و أكدت النيابة أن المملكة تابعة القضية على أعلى مستوى لإستجلاء الحقيقة , و على إثر هذا البيان أمر الملك سلمان بن عبد العزيز تشكيل لجنة وزارة برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان لإعادة هيكلة جهاز الإستخبارات العامة وتحديث نظامها ولوائحها و تحديد صلاحياتها بشكل دقيق .
وكانت قد أثارت قضية مقتل الصحفي السعودي المعارض المقيم في تركيا جمال الخاشقجي الرأي العام العالمي بعد إختفائه منذ دخوله إلى مقر القنصلية السعودية في إسطنبول من أجل إستخراج وثائقه الشخصية , لكنَّهُ للأسف ذهب ولم يعد , عندها أودعت خطيبته خديجة جينكيز شكوى لدى السلطات الأمنية التركية و هي التي رافقته عند ذهابه إلى القنصلية , ومنذ ذلك الحين إنطلقت الإستخبارات العالمية الغربية في محاولة كُلٍّ منها لإستغلال الفرصة المتاحلة من أجل إبتزاز المملكة الغنية , فأول شراراة إنطلقة من تركيا و إعلامها الحليف لها ثم توسع الأمر إلى الإعلام الأوروبي المحب للإنسانية حسب مزاعمه ثم إلى الإعلام الأمريكي
.
بالتأكيد أنَّ كل طرف حاول تسخين و إثارة الموضوع كان فقط من أجل الحصول على مكاسب من مملكة النفط فلا حبهم للإنسانية ولا حبهم للصحفي السعودي الخاشقجي ولا هم أصلاً أعطو قيمة للبشر إن لم تكن لهم فيه مصلحة , و أوَّل المستفيدين من الموضوع هي تركيا التي لا تزال تعاني من إنخفاض قيمة الليرة التركية و حاجتها الماسة لعودة الدولارات لخزائنها من أجل معادلة العجز الحاصل و إعادة اللليرة التركية لمكانها , وهو ماتحاول أن تسعى إليه جاهدةً من خلال إفتكاك هذه الفرصة الذهبية لكي تحصل على مشاريع و صفقات و أموال من السعودية مقابل إخفاء القضية و إسكاتها عن طريق التحقيق التي تقوم به السلطات الأمنية التركية بالإشتراك مع السلطات الأمنية السعودية .
وفي ذات السياق كان دونالد ترامب في الخط كالعادة محاولاً إبتزاز مايمكن إبتزازه عن طريق ممارسة الضغط على العائلة الحاكمة في السعودية وذلك تأكَّد بعد تصريحه للعلن غُداة تحدثه مع الملك سلمان هاتفياً بأنَّهُ " أعتقد أنه من المحتمل وجود مارقين قامو بتصفية الخاشقجي " وهو يقصد هنا أشخاصاً نافذين في العائلة الحاكمة " لأنَّ كل الهيئات الحساسة يحكمها افراد من العائلة " , و إستمرت التجاذبات الكلامية في محاولة كل طرف لضرب ضربته , و الجميع حاول التدخل من أجل المكاسب حتى فرنسا و بريطانيا .
في حين كانت السعودية ممثلةً في ولي العهد محمد بن سلمان تؤكد عدم ضلوعها في القضية بل و كان الإعلام الرسمي السعودي ينفي نفياً قاطعاً أن يكون قد قُتِل , وسبق و أن أدلى ولي العهد محمد بن سلمان بتصريح مهم في بداية الأزمة عندما قال " نحن نجهل تماما القضية و سنحقق في أمر إختفاء مواطننا " , بينما صعَّدت الجهات التركية من حدة الموضوع عندما قالت تركيا أنها تحصَّلت على تسجيلات صوتية لمقتل الخاشقجي داخل السفارة و أكدت على أنها ستسلم التسجيلات لوزير الخارجية الأمريكي .
لكنَّ الأمر كان مجرد كذب فبمجرد خروج وزير الخارجية الأمريكي نفى نفيا قاطعاً إستماعه لاي تسجيلات , وبعدها صرح الرئيس الأمريكي ترامب بأنها مجرد كذب , و بدأت حينها منحى الصدمة الإعلامية يتغير لصالح المملكة العربية السعودية إلى أن جاء خبر اليوم الذي تأكد فيه مقتل الخاشقجي من قبل السعودية نفسها , فهل دفعت المملكة الثمن مقابل تخفيف الضغط ؟؟!!
وكانت تطورات القضية من الجانب السعودي كالتالي :
1 / في 6 أكتوبر أرسلت المملكة السعودية فريقاً أمنياً إلى تركيا للتحقيق و التعاون في قضية خاشقجي . 2/ في 11 أكتوبر تم تشكيل فريق أمني مشترك بين المملكة السعودية وتركيا لتفتيش القنصلية السعودية و منزل القنصل . 3/ في 13 أكتوبر صرح وزير الداخلية السعودي بأن ماتم تداوله بوجود أوامر بقتل خاشقجي لا أساس له من الصحة .
4/ أمر الملك سلمان في 13 اكتوبر بتحقيق داخلي في القضية . 5/ في 14 أكتوبر المملكة السعودية تؤكد رفضها للتهديدات و تتوعد بالرَّد على اي إجراء ضدها بإجراء أكبر . 6/ في 6 أكتوبر غلتقى وزير الخارجية الأمريكي الملك سلمان وولي العهد لبحث القضية . 7/ وفي 20 أكتوبر السعودية تعلن وفاة الخاشقجي داخل القنصلية .
و تشير بعض التحليلات إلى إمكانية ضلوع ولي العهد في القضية بالرغم من أن هذا إحتمال ضعيف بسبب أن هذا الأمر يعتبر أكثر من غباء , لكنه يمكن أن يكون لأنه هو المسؤول عن الأجهزة الأمنية السعودية و لا يمكن لاي فرد فيها التصرف من تلقاء نفسه , و الدليل الأكثر وضوحاً هو عدم تمكن ولي العهد من تسيير الأزمة و التي إحتاجت إلى تدخل من أبيه الملك بنفسه و متابعتها و تسييرها , ويمكن أن تكون السياسة الإقتصادية السعودية و صفقاتها فوق أو تحت الطاولة قد لعبت دورا كبيرا في إخماد وطي القضية .
كيف لا و الرئيس الامريكي دونالد ترامب أصبح يدافع عن المملكة السعودية بعد فترة وجيزة من تهديده لها و تأكيده على وجوب كشف الحقيقة و تلميحه إلى وجود أوامر منظمة بقتل الصحفي المعارض , فكذب التصريحات التركية و صدق الرواية الملكية السعودية و وصفها " بالرواية التي تتمتع بالمصداقية " , بينما تركيا و بريطانيا ذهبو بعيداً جداًّ فقد تم تداول رواية إستدراجه و تجهيز فرق أمنية أخذت صفة الديبلوماسية سافرت إلى إسطنبول و عادة في نفس اليوم و قامت بقتله و تقطيعه بالمنشار و تحليله و تبخيره و هناك من قال تقطيعه إلى أجزاء صغيرة على أنغام الموسيقى و تحليله بالحمض .
إنَّ الشيء المؤكد الوحيد هو أنَّ جهة ما في المملكة العربية السعودية ضالعة في الأمر و تصرفت بغباء بناءاً على غطرستها و إمكانياتها المالية و نفوذها و تحت جناح أمريكي و إستدراج و علم مسبق من المخابرات الأجنبية التي كانت تريد إستغلال الفرصة بشكل جيِّد للضغط على مملكة النفط من أجل المكاسب .
0 Comentair:
Post a Comment