الجزائر تمنع إرتداء النقاب في أماكن العمل | تطبيق أعمى لقوانين الإدارة الفرنسية
الحكومة تطبق قوانين الإدارة الفرنسية حرفياًّ
أويحيى يمنع إرتداء النقاب في أماكن العمل لأسباب أمنيَّة !!
لم ننتظر يوماً أن يُؤَكِّدَ لنا الرجل الأول في الحكومة بأنَّ الجزائر تُقلِّدُ و تُطبِّقُ قوانين الإدارة الفرنسية حرفياًّ , حتَّى صدمنا بقرار يمنع فيه إرتداء المرأة للنقاب في أماكن العمل و المقصودُ هنا الوظيفة العمومية وهذا لأسباب أمنية , تماماً مثل ما قامت به الإدارة الفرنسية سابقاً و كان هذا قد أحدث ضجَّة كبيرة هناك بسبب ماإعتبره الكثيرون تضييقاً لحريات الأفراد و حقوق الإنسان , لكن الغريب فعلاً هو أنَّ الجزائر الدولة التي تقول في مادتها الثانية من الدستور بأنَّ " الإسلام دين الدولة " وهذا يعني بصريح العبارة أنَّهُ من الضروري أن تنسجم الأحكام و التشريعات و القرارات مع قواعد و أحكام الدين الإسلامي و تحت هذه المادة يُرفضُ أي قانون أو مرسوم أو قرار يتنافى أو يتناقض مع مبادىء و قواعد الشريعة الإسلامية .
وجاء مرسوم منع إرتداء النقاب ضمن موضوع واجبات الموظفين و الأعوان العموميين في مجال اللِّباس في تعليمة أصدرها الوزير الأول إلى كل الوزارات و الولاة , أين يقول فيه السيد الوزير الأول أحمد أويحيى بأنَّ مصالحه قد تلقت إستفساراً حول واجبات الموظفين و الأعوان العموميين في مجال اللباس , لاسيما في ما يتعلق بإرتداء النقاب .
و كان المرسوم كالتالي : " وبالنظر لمهام المرفق العام الموكلة لهم , يخضع الموظفون و الأعوان العموميون إلى واجبات قانونية و تنظيمية خاصة , وفي هذا الإطار و طبقا لأحكام الأمر رقم 06 - 03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية , يتعين على الموظفين و الأعوان العموميين زيادةً عن الواجبات المهنية التي تقع على عاتقهم , إحترام قواعد و مقتضيات الأمن و الإتِّصاَل على مستوى مصالحهم و التي تستوجب تحديد هويتهم بصفة آلية ودائمة , لا سيما في أماكن عملهم , وفي هذا السياق فإنَّهُم مُلزمون بتجنُّب كل فعل أو تصرُّف مهما كانت طبيعته بما في ذلك طريقة اللباس الذي يتنافى مع وظائفهم , وبالإتِّسَام بسلوك لائق و مُحترَم , بعكس القواعد و المبادىء التي تحكم المرفق العام , منها على وجه الخصوص الحياد و الإستمرارية و الشفافية , و إعتباراً لما سبق , يشرفني أن أطلب منكم التفضُّل بإسداء تعليمات إلى كل الموظفين و الأعوان العموميين التابعين لقطاعكم , لتقيدهم الصارم بالأحكام المذكورة أعلاه و الإمتناع عن إرتداء كل لباس يعرقل ممارستهم لمهام المرفق العام , لا سيما النقاب الذي يُمنع إرتداؤه منعاً باتًا في أماكن العمل " , وقد أوضح الوزير الأول في نص التعليمة الأسباب التي دفعت الحكومة إلى فرضِ منعٍ لإرتداء النقاب في أماكن العمل التي تتبع الوظيفة العمومية , و قد ركَّز على نقطتين أساسيتين وهي " مقتضيات الأمن و الإتصال " و التي تمس تحديد الهوية بصفة آلية و دائمة , و " اللباس الذي يتنافى مع الوظائف " وهو يعني بذلك أنَّهُ من الواجب أن يكون اللباس يحترم طبيعة العمل ولا يعرقل بأي شكل من الأشكال سيرورة الوظيفة ولا يعرض أيضاً صاحبه للخطر .
لو نتكلم عن الأسباب و الحجج التي إستند إليها السيد الوزير الأول أحمد أويحيى و حلَّلناها لوحدها لقلنا أنَّ معه الحق ولو بتحفُّظ , فعندما يتعلَّق الأمر مثلاً بقضية " الأمن و الإتصال " فمن المستحيل التعرُّف على الهوية و التأكُّد منها بشكل تلقائي و دائم عندما يكون هناك نقاب وهذا طبيعي , لأنَّ النقاب يُخفي كل شيء ولا يترك سوى العينين وهو ما يشكل فرصة ذهبية للذوي النيَّة السيئة من اللصوص أو الإرهابيين أو غيرهم من التخفي بسهولة و إستغلال شرعية اللِّباس لأمور خطرة , ولا يمكن لا للكمرا ولا للمراقبين ولا لأعوان الأمن كشفه أو متابعته إلاَّ بصعوبة بسبب النقاب الذي يغطي رمز الهوية " الوجه " , و لا ننسى أيضاً أنَّهُ يقتضي الكشف على الهوية للتواصل مع مختلف الهيئات العمومية دائما فما بالك إذا كانت الموظفة هي نفسها لا تكشف عن هويتها.
وقد سبق و أن حدثت عدة طرائف بسبب موقف مشابه و نذكر منه ترشُّح نساء محجبات في الإنتخابات التشريعية الماضية لمنصب نائب في البرلمان لكن هؤلاء رفضو أن يُظهرو صورهم في القوائم الإنتخابية بسبب عدم رغبتهم في إظهار صورتهم للعامَّة " هناك من رفضو التصوير أصلاً " وهذا ما أثار إنزعاج و سُخرية الكثيرين بسبب ما أسموه الإستهانة بالشعب , من هذا الذي سينتخب شخصاً يرفض حتى إظهار وجهه فكيف سيدافع حقوق و مطالب المواطنين و يوصل الشكاوى و إن فزن بالإنتخابات كيف سيتعاملون مع من يطرقون أبواب مكاتبهم ؟! , في هذا المثال تحدثنا عن أمر مشابه لأنه لم يسبق و أن ترشحت منقبة في الجزائر , لكنه مطابق لنفس الموضوع , هل يمكن لهيئة أو لمدير أو لأي شخص أن يتعامل قانونياًّ مع آخر بدون أن يكشف له هويته ؟! وكأنه يتعامل مع المجهول !!
أماَّ فيما يتعلق بنقطة " اللباس الذي تنافى مع الوظائف " فهذا للأسف لا ينطبق كثيراً على الواقع و هو ظلمٌ للمرأة و تضييقٌ لحرتها , فهناك الكثير من الوظائف العمومية التي لا يعيقها إطلاقاً إرتداء النقاب , ماعدا الوظائف التي تتطلب الحركة و اليقظة الدائمة مثل الأمن , هنا كان من الواجب وضع تصنيف شامل لماهية الوظائف التي يُسمح فيها بإرتداء النقاب و الوظائف التي تتطلب طبيعتها عدم إرتدائه , و حتى لو قلنا هذا فقد نكون ظالمين لأنَّهُ في العصر الحالي هناك أنواع جديدة من النقاب مصنوعة خصيصاً لتكون سهلة و مريحة و تُمكِّنُ من الإستجابة للحركة السريعة ولا تعيق .
إذا إكتفينا بنص قرار الوزير الأول أحمد أويحيى سنقول بأنَّ الدولة تخطط و تسعى لضبط الوظيفة العمومية من كل النواحي من أجل رفع فعاليتها و إنتاجيتها , لكننا يجب أن ننظر إلى أمورٍ أخرى سابقة لها حتى نتأكَّد من المسار الحقيقي لهذه القرارات .
أولاً لم يُسمح يوماً لأي مذيعة ترتدي الحجاب حتى لو كان خماراً فقط من الظهور على شاشة التلفزيون الجزائري الحكومي الرسمي سواءاً , ماعدا قناة القرآن الكريم الوحيدة التي يسمح فيها للمذعيات بإرتداء الحجاب , هل الحجاب يمنع أو يعيق عمل المذيعة في التلفزيون ؟؟ هل يعيق الذوق العام مثلاً ؟؟ هل يمكن لأحد ما إيجاد أي تفسير مُقنع يتقبله العقل لقضية منع الحجاب و حتى اللِّحية من التلفزيون الرسمي ؟! , و من مِنَّا لا يعلم بأنَّ التوظيف في مؤسسات الشرطة و الجيش و الجمارك و الحماية المدنية و الدرك الوطني و الديبلوماسية و غيرها يفرض على المرأة نزع الحجاب , هل يمكن أن تجد تفسيراً لهذا ؟؟
لا داعي لأن تقول بأن الحجاب يعيق حركة الشرطية أو الجندية فأنت يمكنك أن ترى العشرات من الشرطيات المسلمات يعملن في بريطانيا و في دول الغرب و بدون نزع الحجاب , و كذلك حتى الرجال يُسمح لهم بتربية اللحية إذا كانت مُنظَّمة , وهذا بالتأكيد لا ينقص من الصرامة و الهيبة بل يعزز الحرية الشخصية للفرد بحسب القيم و المبادىء التي يحكمها الإسلام الذي هو دينُ الدولة .
إنَّ الإدارة الجزائرية ورثت قوانين جاهزة من الإدارة الإستعمارية إضافةً إلى تأثير الفكر الشيوعي المصاحب لتطبيق الإشتراكية في الجزائر بعد الإستقلال , وهذا ليس عيباً إن كُنَّا بلداً غير مسلم وليس لنا مبادىء نعيش عليها , وفوق كل هذا تُساير الإدارة الجزائرية قوانين الإدارة الفرنسية , حيث تُعدُّ فرنسا من الدول الأولى في العالم التي منعت إرتداء النقاب في أماكن العمل ثم الأماكن العامة ثم منعت إرتداء الحجاب في أماكن العلم و تسعى لمنعه في الأماكن العامة , تحت عنوان الذوق العام و مبادىء الجمهورية الفرنسية , و يأتي أويحيى ليطبق القانون الفرنسي علينا مباشرة كجزء من التعبية , فمنذ متى إشتكى أحد من النقاب في الجزائر أصلاً ؟؟
ولم نرى الحكومة ذاتها تتحرك في أمور أكثر أهمية أكثر من تحركها في هذا المجال .
إنّهُ من غير المعقول أن تكون الدولة التي دينها الإسلام في الدستور أن تفرض التبرج و السفور من أجل التوظيف , وهذا يتعلق بأسلاك الأمن و الحماية المدنية و التلفزة و الديبلوماسية التي ترفض الحجاب رفضاً قاطعاً , و هذا يعني بشكل مباشر أنَّ الدولة تشجع على السفور و التبرج , وهنا نحن لسنا نتحدث عن النقاب بل الحجاب العادي فقط فما أدراك بالنقاب .
شاهد قرار منع إرتداء النقاب في أماكن العمل في الجزائر
0 Comentair:
Post a Comment