سيتذكَّر الجميع أنَّ يوم محنة فلاح بسيط من أفراد الشعب لم يلتفت إليه سوى أفراد الشعب أنفسهم ولم يلقى أي إهتمام من السلطة و السلطات العليا لا ماديا و لا معنوياً , ماعدا رجال الحماية المدنية و رجال الدرك و الشرطة, لكن التعاطف و التآزر و المواساة و الدعم اللوجيستي و و كل شيء تقريباً كان من الشعب , فالشعب إذاً هو الوحيد الذي يتألَّم لفقدان شابٍ بسيط المادة و عظيم الشأن .
لطالما كان الجميع يتهم الشعب بالتخلُّف و يتهمه بشتى التهم , هاهي اليوم بلدية أم الشمل تلم شمل الشعب من كل الولايات وليس ولاية المسيلة فقط , أُناس لم يحسبو أي تكلفة فسمحو في أراضيهم التي تمَّ سحقها بفعل أشغال الحفر وسلَّمو آلياتهم و جرافاتهم و حفاراتهم و رافعاتهم و كل مايمكن أن يساعدو به , حتى أن الحماية المدنية أكَّدت أن الآليات كانت متوفرة زيادة عن اللُّزوم حتى أنَّ المكان لم يكفيها كلها , و لم يكن تقديم الدعم اللوجيستس المتمثل في الغذاء و الوقود قائماً على عاتق كل السُّكان قدمو كل مالهم من مؤونة , ولا ننسى أصحاب المحلات الذين ضحو بحساباتهم وساهمو بكل مايستطيعون .
ولا ننسى بالطبع الجزء الأساسي و هم الحماية المدنية المعنيين بعملية الإنقاذ مباشرة , بالرغم من أنَّ هذا عملهم إلاَّ أنهم قدمو أكثر من واجبهم و زيادة , حيث أن العديد منهم رفض الإنسحاب من الميدان بالرغم من أن القانون يفرض عليه راحة بعد 48 ساعة عمل , إلا أنهم يواصلون العمل لمدة سبعة أيام متواصلة , و الكل يريد إخراج الضحية من الأنبوب , الكل يريد أن يكون هو من يخرج الضحية , الكل كان يريد ذلك بأي ثمن حتى ولو على حساب صحتهم و جسدهم , فكل من يسحبوه بالقوة يعود و يتقدم كمتطوع مجاناً و لا ننسى أيضا الأعوان المتقاعدين الذين إنضمو كمتطوعين .
لا يمكننا عدهم ولا تحديدهم كلهم كان يريد فقط أن يرى الأخ محجوب عيَّاش حيٌّ يرزق , و لاحظ الجميع ايضاً النفسية السيئة لأعوان الحماية المدنية و المتطوعين و الشعب بعد تأكيد وفاة عيَّاش و هذا إثرا تدفق مياه من داخل الأنبوب و غمره بالكامل , إضافةً إلى البرد الشديد جداًّ داخل البئر في ذلك العمق و المياه الباردة التي تلامس أرجل العيَّاش , و الأتربة التي تحاصره و تسد نفسه .
الحماية المدنية قامت بكل مايلزم عكس ماقاله أصحاب الإشاعات و الخبراء الإفتراضيين و الفلاسفة الفايسبوكيين و حتى بعض الدكاترة الذين إتهمو جهاز الحماية المدنية بالتقصير في عملية إنقاذ أخونا العيَّاش من التحدث معه و إحضار التقنيات المختلفة المتعلقة بالكامرات الحرارية لرؤيته و تحديد وضعيته أين وجدو رأسه في الأعلى و يده على صدره و يده الثانية على رجليه , و قامو بإرسال رجل حماية مرَّتين دون جدوى لأنَّ رأسه فقط هو المتحرر و بقية جسمه ثابت , و سبق و أن قال لهم عديد المرات أنه غير قادر على الحركة إطلاقاً بسبب الضيق الشديد .
وصرَّح المسؤول الإعلامي للحماية المدنية أنَّ كل التقنيات المتعلقة بالسحب من الأنبوب والتي سبق و أن نجحت فيها الحماية المدنية في حالات مشابهة سابقاً , كانت مستحيلة بسبب الوضعية الخاصة لمحجوب العياش داخل الأنبوب و بسبب خاصية التربة هناك , حيث أكَّد أنها هشة جدا ولا تقبل حفر بئر موازي ولا تقبل الحفر بآليات ضخمة مثل آليات الحفر لسحب البترول , و أن كل الخطر سيكون عليه , و كانت الطريقة الوحيدة المتبقية هي الحفر بجوانب الأنبوب و قص الأنبوب في كل أربع أمتار لمحاولة الوصول إلى الضحية في اقرب وقت ممكن , لكن للأسف ظهرت المياه الجوفية " الطبقة الأولى منها " و تتدفق بإستمرار في كل عملية حفر مما صعب المهمة كثيرا , و هي تحتاج لكميات كبيرة جدا جدا جدا من المضخات و قد تكون بدون فائدة لأنها متوفرة في ارضية المنطقة ككل حتى لو أتو بعشرات المضخات لن يسحبو المياه من هناك . مما أضطر بهم إلى توسعة مكان الحفر بغية التحكم في المياه المتدفقة و هذه عملية قد تطول أكثر .
إن العيب في الموضوع هو تجاهل السلطات و التلفزيون الرسمي و حتى الإعلام بشكل عام وهو ماسمح بظهور و إنتشار الإشاعات و الخرافات , و لا ندري أين الحكومة و المسؤولين الكبار الذين من المفروض أن تظهر رؤوسهم على الأقل بشكل رمزي في الميدان , حتى والي المسيلة الذي ظهر متأخراً بعد خراب مالطا قابله الشعب بالطرد بدون رحمة , ولا سمعنا صوت لوزير ولا لرئيس الجمهورية ولا للوزير الأول ولا لرؤساء الأحزاب ولا لأي جهة رسمية ماعدا الحماية و الأمن , هذا الدليل الوحيد الذي يمكن أن نقول عليه بأنَّ مايحس به الشعب لا يهتم به إلا الشعب , و محجوب عيَّاش قضية شعب .
شاهد محجوب العيَّاش داخل البئر و قصة إنقاذه بالتفاصيل
0 Comentair:
Post a Comment