غضب العُمال يغزو قلب اُوروبا | بلجيكا و فرنسا في عين الإعصار
غضب العمال يغزو قلب اُوروبا الإقتصادي
السترات الصفراء تغزو فرنسا و بلجيكا و إيبيريا قادمة
يشهد القلب الإقتصادي للقارة العجوز فوضى عارمة أثارها عُمَّال غاضبون بشدة من النظام الضريبي الجديد و الذي أثقل كاهلهم بشدة لدرجة أنَّ من كنا نعتقد أنهم في رفاهية أصبح أغلبهم لا يستطيع إكمال شهره من كثرة التكاليف و الأعباء , و هو مايجعل الإدخار العائلي أمراً خيالياًّ في هذا المستوى , و خرج الغاضبون عفويةً من دون تنظيم رسمي نقابي أو حزبي واضح للشارع بعدما نفذت كل الطرق للتعبير عن الغضب الشديد و مطالبة الحكومة بالتراجع , لكن لا الحكومة تراجعت و لا هي أعطتهم الأهمية أصلاً , فإنتشرت بسرعة حركة السترات الصفراء أو العمال الغاضبون , الذين يحتجون في أوقات راحتهم خصوصاً يوم السبت .
بدأت هذه الحركة في فرنسا و تعممت عبر كل ولاياتها حتى في الأقاليم ما وراء البحار و التي تعتبر مناطق منسية , و هاهي تنتشر بقوة في بلجيكا لنفس الأسباب , و من جهة أخرى يترقب محللون إقتصاديون أن تنتشر هذه الظاهرة في شبه الجزيرة الإيبيرية أو الإيطالية قريباً و إذا إستمرَّت من دون حل فقد تمسُّ كبد أوروبا " ألمانيا " .
هذه المرة كانت مختلفة عن سابقيها من حيث درجات العنف , فالعدد تضاعف من حوالي 28 ألف متظاهر إلى أكثر من 65 ألف متظاهر , و أصبحت جادة الشانزيليزيه الشهيرة في قلب باريس حلبة صراع بين العمال و القوات الحكومية , و لم تدخر قوات الأمن أي جهد في إعتقال المتظاهرين حيث تم إعتقال 60 منهم في الساعات الأولى ثم تضاعف العدد إلى أكثر من 600 , و بالتأكيد أعداد الجرحى بمختلف درجاتهم هي كثيرة و تعدُّ بالمئات عبر كامل التراب الفرنسي و البلجيكي و أقاليم ما وراء البحار , و مازاد الطين بلة هو تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي و رئيس الجمهورية الفرنسية على هامش قمة العشرين , و الذي أكَّد فيه أن الحكومة ماضية في تطبيق هذا البرنامج و لن تغييره بسبب إحتجاجات .
و ما أثار ضغينة العمال الغاضبين أكثر هو تجاهل الرئيس ماكرون لقضيتهم التي سيطرت على وسائل الإعلام الاوروبية و العالمية فمن المعقول لأي رئيس في العالم أن يقطع كل أجندته للإهتمام بالأهم في الوطن , لكن الرئيس ماكرون كان في قمة دول العشرين في الأرجنتين ولم يبالي كثيراً بما يقوله المحتجون , ويسعى لإقناعهم بقبول الوضع من أجل تحقيق إستراتيجية بعيدة المدى تتعلق بالمناخ .
علَّقت السترات الصفراء على هذا قائلةً " نحن نخمن ما سنأكل و هو يتحدث لنا عن المناخ " , و أصبحت كلمات " ماكرون إرحل " أو " ماكرون إستقل " هي الطاغية في الإحتجاجات , فلم يعد المتظاهرون يطالبون براس الحكومة مثلما حدث سابقاً في الحكومات المتوالية , حيث كان الرئيس يختبىء وراء رئيس الحكومة , لكن سياسات و إستراتيجيات ماكرون السياسية التي أزاحت نفوذ النقابات الكبرى و الأحزاب العمالية و التقليدية من الواجهة هي من جعلته هو الواجهة نفسها مباشرة وكل إنتقاد أصبح يطاله هو مباشرة .
إنَّ نفس شروط قيام حركة السترات الصفراء في كل من فرنسا و بلجيكا تتوفر و بكثرة في شبه الجزيرة الإيطالية و الإيبيرية , و قد تكون إيبيريا " إسبانيا و البرتغال " هي المستضيف الثالث لهذه الحركة بإعتبارهما بيئة خصبة لغضب العمال , نظرا للأعباء الخيالية التي تقع على عاتق العمال و عامة الشعب , بينما إيطاليا تكون هي المرشح الثالث و إذا إستمر الوضع اكثر فمن المتوقع أن تستمر موجة الإحتجاجات و تعود إلى اليونان .
لنسال أنفسنا أولاً , لمذا هذه الزيادات ؟؟ الا تعلم الحكومات أنها ستكون في مرمى حجر العمال في هذه الحالة ؟؟ الإجابة هي نعم الكل يعلم لكن ليس هو من يقرر هذه القرارات , بل الإتحاد الأوروبي وفقاً للمعاهدات الملزمة المؤسسة للإتحد الأوروبي المنعقدة في برشلونة , و تكون هذه القرارات الملزمة وفق إستراتيجيات معينة يتخذها الإتحاد الاوروبي لحماية قيمة العملة و الإقتصاد و المجتمعات الاوروبية , لكن كما يبدو هي لا تحمي أي شيء بل تحمي المؤسسات و فقط ولا مكان للشعب في الموضوع , فعندما تفرض على دولة معينة أن تخفض قيمة نفقاتها و ترفع من الواردات بأي طريقة فإن الحل المباشر السهل هو جيوب العمال .
وهو مايجعل المواطنين الأوروبيين يكرهون هذا الإتحاد شيئا فشيئا , و هذا مايتمناه اليمن المتطرف و اليسار المتطرف في كل الدول الأوروبية , الأمر الذي تخشاه قيادات هذه الدول لأن الوضع لو يستمر على هذا النحو سيتم حل الإتحاد الأوروبي بكل ما في الكلمة من معنى و قد تعود الخلافات العميقة بين كل قرية أوروبية .
0 Comentair:
Post a Comment