لماذا تنسحب قطر من منظمة الاُوبك ؟! | هل هو قرار سيادي ؟!
لماذا إنسحبت دولة قطر من منظمة الاُوبك !!
هل هي إستراتيجية طاقوية لقطر أم خدمة لأجندات أجنبية !!
بشكل مفاجىء قرّرت دولة قطر أول أمس إنسحابها من منظمة الدول المصدرة للنفط " الاُوبك " إبتداءاً من السنة المقبلة , و قد بررت قطر هذا بأنها بنت إستراتيجية طاقوية جديدة تركز فيها على الإستثمار في أهم مورد لها و هو الغاز , و بالتالي ستتخلى تلقائياًّ عن سياسات الإستثمار في قطاع النفط بما أنه يعتبر مورد ثانوي لها و لا تؤثر به على مستوى الإنتاج العالمي , لكن الكلمات الأخيرة من بيان القرار يوحي بشكل واضح جداًّ إلى أنَّ القضية سياسية أكثر منها إقتصادية , حيث أشارت قطر في بيانها إلى أنَّ منظمة الاُوبيك أصبحت في يد دول مهيمنة , و هي إشارة ضمنية مباشرة إلى غريمها التقليدي المملكة العربية السعودية .
لو كان هذا بعد الإجتماع المتوقع أن يتم في الجزائر بين الدول المصدرة للبترول من الاوبك و خارج الاوبك و الذي يتوقع فيه أن يتفق الكل على إستمرارية قرار تخفيض الإنتاج خصوصا بعد إتفاق المملكة العربية السعودية و روسيا المسبق على خفض الإنتاج من خلال الإجتماع المقبل , و أيضاً يمكننا طرح تساؤلات عديدة حول نية هذا الإنسحاب , فمن الجانب السياسي قطر لديها أزمة كبيرة مع دول الخليج , و من الجانب الإقتصادي و الدبلوماسي قطر هي عضو في المنظمة منذ 1962 أي أنها تقارب السبعة و خمسون سنة من الإنضمام , و لا ننسى أهم فرضية في الموضوع و هي فرضية الخطوة الأولى نحو تدمير منظمة الاوبيك .
يعتقد أغلب المحللين أنَّ أهم دافع لإنسحاب قطر من المنظمة هو الهيمنة السعودية الروسية شبه المطلقة على قرارات المنظمة و هو الأمر النابع من قوة إنتاجهما للنفط في العالم , وبما أنَّ المملكة العربية السعودية لطالما تأتمر بمطالب الرئيس الأمريكي ترامب بزيادة الإنتاج لخفض الأسعار , و هي بذلك تخرق الكثير من قرارات منظمة الاوبيك برفعها للإنتاج بشكل إنفرادي , و آخر قرار خرقته كان إتفاق الجزائر في شهر أكتوبر من هذا العام .
لكن هنا إقتصادياًّ فهذا لا يعتبر مبرّراً حتَّى لو كان الأمر متعلقاً بالتعليق الرسمي الذي يقول بأنَّ سبب الخروج هو التركيز على إستثمارات الغاز بدل النفط , لأنَّ قطر لا تنتج كمية مؤثرة في سوق النفط بالأساس و حتى لو كان هناك قرار بتخفيض الإنتاج فهو لن يؤثر عليها , بل حتى إنخفاض الأسعار بحد ذاته لن يؤثر عليها لأنها رائدة في إنتاج الغاز و ليس النفط , أي أنَّ الاوبيك تعتبر بالنسبة إليها مقر لتمثيلية دبلوماسية ليس إلاَّ .
وبالتالي فإنَّ القرار القطري هذا إن كان أصلا قرار سيادي هو مرتبط بقضية سياسية تعود جذورها إلى الأزمة القائمة بين قطر و دول الخليج على رأسهم السعودية , و هذا متصل بشكل مباشر أيضاً بموضوع التقارب القطري الإيراني .
و إذا حاولنا التعمُّق أكثر سنجد أنَّ أمر إنسحاب قطر بهذه الطريقة بعد عضوية دامة 57 عام يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو تدمير هذه المنظمة التي هي مركز قوة لصالح المملكة السعودية , حيث تعتقد قطر و إيران أنَّ المملكة السعودية تستعملها كورقة للمقايضة مع الولايات المتحدة الأمريكية و غيرها من الدول , و الإنسحاب منها و إقناع بقية الدول بالإنسحاب سيدمر هذه المنظمة و يجعلها بلا أي دور إطلاقاً .
من جهة أخرى نرى أن هذا أيضاً غير مبرر , فالإجتماع الأخير لدول منظمة الاوبك عارض و لم يستجب لمطالبات الرئيس الأمريكي ترامب , و أيضاً كل الدول المنطوية تحت لواء الاوبك دخلتها عن قناعة بأنَّها ستستفيد منها أكثر مما ستستفيد عندما تكون بمفردها , وهو مايجعل أمر إقناعها بالإنسحاب هكذا أمر مستحيل.
إذاً يبقى سبب واحد مقنع و هو السعي للفت الأنظار من جديد بعد العزلة التامة الممارسة من قبل الدول الخليجية و العالم و تسويق علني للنفط القطري , فقد تتمكن قطر من ربح بعض الصفقات السياسية المهمة التي تهدف إلى فك الحصار الخليجي عليها و جعله غير مفيد من جراء بيع سعر نفطها بسعر منخفض عن سعر السوق , و هو ماسيجلب أنظار المستهلكين إليها كونها لا تلتزم بقرارات الاوبك و بالتالي يمكن إقناعها بأقل تكلفة , و قد تسعى من خلال هذا لزيادة الإستثمارات الأجنبية .
0 Comentair:
Post a Comment