بوتفليقة و العهدة الخامسة | هل ستخرج الجزائر من التاريخ ؟!
بوتفليقة و العُهدة الخامسة
هل ستخرج الجزائر من التاريخ ؟
من الملاحظ هذه الأيام أنَّ هناك تصاعدا غير مسبوق في درجة غليان الشارع بسبب ترشح عبدا لعزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة إضافةً إلى التصريحات المُستفزة التي أطلقها الكثير من أعضاء الحكومة و التي كانت كاالرصاصات المتتالية , و هذا إنطلاقاً من تصريحات بن غبريط إلى غاية تصريحات سلال اليوم , كل هذا لا يسري سوى في مجرى الأطراف التي تريد زعزعة الإستقرار الإجتماعي والتي تنتظر الفرص الملائمة يوماً بعد يوم , المخاوف تتزايد حول ما إذا كان الشعب في الجزائر العميقة سينضم لهذه الدعاوي المُغرِضة , و هو بالطبع مُحضَّرٌ نفسياً لذلك بسبب التصرفات السلبية للغاية من قبل رموز السلطة .
المخاوف هذه المرة هي أكبر بكثير من سابقتها لأنَّ درجات الإحتقان في أعلى مستوياتها , كيف لا و النظام يُرشِّح رجلاً لا يستطيع حتَّى أن يحكم في نفسه يريدونه أن يحكم دولة بحجم قارة مثل الجزائر , كيف لا و هو صاحب العشرين سنة من الحكم يأتي ببرنامج يقول فيه " سنضع إصلاحات غير مسبوقة " عن اي إصلاحات يتحدثون ؟؟ هل يريدون أن يُصلِحو ما أفسدوه مثلاً ؟ هل هو إعتراف غير مباشر بالفشل الكبير في تسيير الكثير من القطاعات .
المشكلة ليست هنا فقط , المشكلة الأكبر التي تُأجِّج الغضب الجماهيري و تزيد من إحتقانه و غضبه هي صورة الجزائر التي يتم تشويهها في الخارج بسبب العهدة الخامسة , الجزائري اليوم أينما يذهب أينما يتَّجه سيجد تهكُّماً صارخاً و واضحاً في حقه و في حق دولته بأنها تُسيَّر من قبل صورة عملاقة .
و المشكل الأكبر هو أنَّ زمن شراء السلم الإجتماعي قد ولَّى لأنَّ الجزائر تعيش في أسوء الحالات الإقتصادية فأسعار النفط في إستقرار حذر وهو مصدر الدخل الوحيد الذي تعوِّل عليه الجزائر لملىء الخزينة العمومية من أجل الصرف , الجزائر الآن تعيش عجزاً في الميزانية منذ سنة 2014 وكل ما قدم عام جديد كل مازاد العجز تطوُّراً , و التضخم ايضاً في إزدياد مستمر مع الضرائب بسبب ضخ النقود المطبوعة من دون مقابل .
إنَّ الجزائر الآن على صفيحٍ ساخن أكثر بكثير من ما مرَّت عليه في سنوات العشرية السوداء التي تمَّ فيها إزهاق أرواح أبرياء مجَّانًا , و حسب ما جاء عى لسان وزير الداخلية و الجماعات المحلية نور الدين بدوي و الوزير الأول أحمد اويحيى فإنَّ الجزائر كانت قد واجهت ازمة جد حادة السنة الماضية في نوفمبر عندما وصلت لدرجة أنها لم تعد قادرة على دفع بعض الأجور في بعض القطاعات و كادت أن تتخذ إجراء تأجيل دفع الأجور , و عندئذٍ لجئت إلى الإستدانة الداخلية عن طريق طبع الدينار .ّ
التفكير الإقتصادي الغبي للحكومات المتعاقبة في عهد عبد العزيز بوتفليقة جعل الجزائر رهينةً لتقلبات أسعار المحروقات , و فوتَّت العديد من الفرص للتخلص من هذه التبعية و كان آخرها في الأزمة الإقتصادية العالمية التي إنطلقت نيرانها في 2007/2008 حينها تهافت الخليج و كل من يمتلك ذكاء إقتصادي على إستثمار أمواله بشراء المؤسسات الإقتصادية الأوروبية الكبرى و التي كانت على حافة الإفلاس , و لعل قطر كانت السَّباقة لضخ هذه الإستثمارات من أجل ضمان الحياز على أهم الأسهم .
بينما من يحكمون الجزائر كانو يفكرون في عد عائدات الريع البترولي و فقط , و بدل أن يقومو بشراء المؤسسات الأوروبية ليقتنصو أكبر فرصة إقتصادية في التاريخ , ذهبو ليعقدو شراكات غبية مع الإتحاد الأوروبي و مع الكثير من المؤسسات , وكانت تلك الشراكات تقتضي في أغلبها إستيراد منتجات تلك الشركات بدل شرائها , بينما شرائها فقط يكفي لتوفير مصدر مهم من المداخيل بالعملة الصعبة لأن المؤسسات عالمية و مشهورة و إسمها واضح في الساحة ولا حاجة لأحد لتحمُّل تكاليف تسويقها .
الجزائر الآن لم تعد كما هي في السابق , هي مُهدَّدة بالفعل من قبل السلطة الغبية و من قبل من لا يهمه سوى خراب البلاد من شباب ضائع يتَّبع عواطفه لكل من يهبه فقاعات خدَّاعة , مثلما يدور هذه الأيام بعض الدعوات التي تتكاثر و تزداد قوة من هنا و هناك عن خرجات للمظاهرات يوم 22 فيفري القادم و هي دعوات خطيرة في حقيقة الأمر , لأنَّ الجميع يعلم ماهي نتائج المظاهرات التي تبدأ سلمية ثم تنتهي بالخراب , لكن من يُسوق لهذه المظاهرات هو شخص مجهول لا ندري من أين هو و فوق كل هذا هذه الدعوات لـ 22 فيفري مشكوكٌ في قدرتها الحقيقية على حشد الشعب لكنها لن تكون سوى الفزاعة التي تُنبِّه بقية الشعب على وجود حراك حقيقي.
فبمجرد خروج بعض العشرات في كل مكان مع تغطية إعلامية مُركَّزة ستجعل الرأي العام المحلي و العالمي يصب إهتمامه بالأوضاع الداخلية في الجزائر , و بما أن الخرجات الأولى ستكون يوم الجمعة فإنه من المتوقع أن تتم الدعوة إلى خرجات أخرى في أيام أخرى و قد تزداد الأعداد يوما بعد يوم , خصوصاً من الجامعات التي تحمل خزَّاناً من الشباب , و هنا وجب علينا تحذير كل من ينوي الخروج لهذه المظاهرات بأنه قد يساهم في تدمير ما تبقى من دولة أستشهد من أجل قيامها الملايين .
صحيح أننا كلنا ضد العهدة الخامسة لكننا لا نرغب في رؤية خراب في البلاد , و كلنا يعلم نتائج هذه المظاهرات و خصوصاً في بلد مثل الجزائر , أين يشكل أي إنهيار للنظام الحالي و أي إختلال في الإستقرار الأمني خطراً حقيقياًّ على وحدة البلاد و أمن شعبها , ولا تنسى أن الجزائر دولة بحجم قارة إنهيار الأمن فيها يعني الكارثة .
ندعو الله أن يجعل بلدنا آمناً , و ليعلم من يتسبب في هذا الإحتقان من أفراد في السلطة و خصوصا الداعين للعهدة الخامسة الكارثية , أنَّ التاريخ سيصفهم بأسوء مايمكن أن يتم وصفه , و عليهم أن يعلمو أيضاً أنهم يمثلون فترة تاريخية تعتبر سوداء بحق .
شاهد تحليل لترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة
أترك لنا تعليقك حول الموضوع من هنا
أحصل على كل جديد مباشرة من موقعنا بالضغط على " متابعة "
0 Comentair:
Post a Comment