مقترح الجيش الوطني الشعبي المادة 7 و8 و 102 من المؤيد و من المعارض !!
مقترح الجيش الوطني الشعبي المادة 102
من المؤيد و من المعارض !!
شهد الحراك الشعبي الجزائري هذا الأسبوع قفزة نوعية في النتائج المحققة من هذا الحراك فبعد الإنسحاب من الترشُّح للعهدة الخامسة و إستقالة أحد أبرز رموز الشر في النظام " أحمد أويحيى " هاهو الآن الجيش الوطني الشعبي يقترحُ حلولاً لفض الأزمة السياسية و قطع الطريق أمام الأيادي الخارجية و الداخلية التي تريد أن تستغل الحراك الشعبي السلمي , و ذلك بإقتراحه العودة إلى الدستور بتفعيل المادة 102 , ولكن هذا الإقتراح لقي هو الآخر موجة رفض بإعتباره متأخراً و لكن من جانب آخر موجة أخرى من الجزائريين أيَّدو هذه الخطوة و إعتبرتها نصف الحل مطالبةً بالمزيد من الضمانات و بالمزيد من الإصلاحات , خاصَّةً و أنَّ شخصية عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة مرفوضة شعبياً هي و المجلس برمته تقريباً و نفس الشيء بالنسبة للطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري بإعتباره قبل ملف ترشح بوتفليقة و هو في هذه الحالة , فما هو الحل الأنسب و الأوسط و لماذا تنقسم الآراء حول هذه المادَّة , فقام الجيش بإجتماع طارىء بقيادة الأركان أعلن فيه دعمه لمطالب الشعب وخصوصاً " المادة 7 و 8 و 102 " , و حذَّر من الأيادي الخبيثة التي تريد زعزعة الإستقرار.
في بادىء الأمر علينا معالجة كرونولوجيا خطابات قائد أركان الجيش الوطني الشعبي ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح منذ بداية الحراك في 22 فيفري المنصرم , وذلك لمعرفة التوجُّه العام الذي يريد الجيش أن يتبنَّاه , ثم التطرق إلى الجو السياسي العام و تطور المطالب و توسعها و في نفس الوقت سنتطرق أيضاً لما تريد أن توصله وسائل الإعلام و الأقلام الأجنبية من رسائل لمحاولة توجيه الحراك الشعبي , لنصل لنتيجة قد تكون متوازنة لحل المشكلة الظرفية .
كان أوَّل خطاب يوم 28 فيفري في الناحية العسكرية السادسة و أهم ماتضمنه هو كالتالي " العيش في كنف الأمن و أجواء راحة البال هي حصائل بمثابة الهدية المجزية التي يواصل الجيش الوطني الشعبي إهدائها للجزائر أرضاً و شعباً يدعم بها رابط جيش - أمة" , كما تخلَّل هذا الخطاب بعض العبارات التي تُحذِّر من المغامرة بمستقبل البلاد و كذلك وصف البعض بالمغرر بهم ولكن هذه العبارة تمَّ حذفها و كما يبدو كان حذفها لتدارك الخطأ قبل أن تسير الأمور لناحية أخرى.
و كان الثاني في يوم 5 مارس من الأكاديمية العسكرية لشرشال وأهم ماتضمنه هو كالتالي " إنَّ الشعب الذي أفشل الإرهاب و أحبط مخططاته, هو نفسه المُطالب اليوم أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه وكيف يكون حصناً منيعاً لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب " , و هنا رجَّح كفة الوقوف إلى جانب الشعب أكثر مما كان يتصوره الكثيرون , فالكثير فعلاً كان يظن أنَّ الجيش سيكون لجانب بوتفليقة.
أمَّا الخطاب الثالث فكان في يوم 6 مارس من الأكاديمية العسكرية لشرشال في ختام زيارته لها و أهم ماتضمنه كان كالتالي " نعمل على توفير كل الظروف الآمنة بما يكفل تمكين شعبنا من ممارسة حقه و أداء واجبه الإنتخابي في كنف الأمن و السكينة و الإستقرار , الجزائر قوية بشعبها و آمنة بجيشها " و هنا جاء التأكيد على أنَّ كفة الجيش تميل لصالح الشعب أكثر , و إعتمد على مصطلحات تربط لحمة الشعب بالجيش أكثر من الجيش بالسلطة .
وفي الخطاب الرابع الذي ألقاه من المدرسة الوطنية التحضيرية لدراسات مهندس بالرويبة يوم 10 مارس كان أهم ماتضمنه هو كما يلي " تتجمع بين الشعب و جيشه كل مقومات النظرة المستقبلية الواحدة لجزائر الغد و الشعب الجزائري يراهن في كل الظروف على أنه شعب مواقف " , وكما يظهر أيضاً هي رسالة لتقوية الروابط بين الجيش الوطني الشعبي و الشعب .
أمَّا في الخطاب الخامس الذي ألقاه من المدرسة العليا الحربية بالرويبة يوم 13 مارس كان أهم ماتضمنه هو كما يلي " مهمة جيشنا تزعج كثيراً من في الداخل و الخارج هؤلاء يتقنون فنون التأويلات الخاطئة و المُغرِضة , ويعرف الشعب الجزائري كيف يتعامل مع أزمات وطنه وكيف يسهم بوطنية عالية في تفويت الفرصة عليهم " , و هنا أكد مرة أخرى على وقوف الجيش الوطني الشعبي بجانب الشعب كباقي الخطابات .
و في خطاب يوم 17 مارس الذي ألقاه من الناحية العسكرية الثالثة أكّد على " العلاقة الوطيدة التي تربط الجيش الوطني الشعبي بالشعب الجزائري الذي هو جزء لا يتجزىء منه , و الجيش الجزائري يملك من الإمكانيات الضرورية لجعل بلده يتفادى أي وضع صعب قد يستغل من قبل أطراف أجنبية لإلحاق الضرر به " وهو أيضاً تأكيد على ما جاء قبله .
و عاد و أكَّد مرة أخرى في خطاب 18 مارس من نفس الناحية بقوله " الجيش الوطني الشعبي سيكون دوماً الحصن الحصين للشعب و الوطن في جميع الظروف , ولكل مشكلة حل بل حلول فالمشكلة مهما تعقَّدت لن تبقى من دون حلول مناسبة " , و هنا بدأ الكلام عن تدخل الجيش لحل الأزمة و كثر الحديث كثيراً عن هذا الموضوع.
ليأتي يوم 26 مارس الذي يعلن فيه قائد أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح عن إقتراح لحل هذه الأزمة من الناحية العسكرية الرابعة , حيث قال " يجب إيجاد حل للخروج من الأزمة حالاً و يندرج في الإطار الدستوري الذي هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر , وهذا الحل يستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري ويضمن إحترام أحكام الدستور و إستمرارية سيادة الدولة , ويحقق توافق رؤى الجميع ويكون مقبولاً من جميع الأطراف و المنصوص عليه في الدستور في مادته 102 " , هنا أعلنها الجيش صراحةً أنه يدعم مقترح تنحية الرئيس و إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية و البدأ في الإجراءات القانونية لذلك , لكن في نفس الوقت رفض الشعب أن يكون هناك تطبيق للمادة 102 وحدها لأنها ستضمن مصالح السلطة الحاكمة حالياً لأن كل من مجلس الأمة و المجلس الدستوري في يد السلطة .
وفي اليوم الموالي من نفس المكان قال أيضاً أن الجيش " لن يحيد عن مهامه الدستورية ولا خوف على حاضر الجزائر وعلى مستقبلها في ظل هذا الشعب الواعي و المدرك للمصلحة العليا لوطنه " , لكن هذا الخطاب لم يكن له وقع كبير لأنه لم يوضح بعد الوجهة الكاملة للجيش .
وفي يوم 30 مارس إجتمع قائد الأركان بالقادة العسكريين من كل القوات و النواحي في مبنى وزارة الدفاع ليعلن على نقاط كان لها وقعٌ كبير للغاية على الساحة الإعلامية و على الشارع , حيث هزَّ خطابه الجزائريين عندما أقر بمطالب الشعب التي كانت تنادي بفعيل المادة 7 و 8 إضافةً للمادة 102 , كما شدَّ إنتباه الكثيرين عندما نوَّه بجماعة مُغرِضة إجتمعت صباح نفس اليوم لتنطلق في ضرب الجيش الوطني الشعبي عبر شن حملة إعلامية شرسة .
بسبب هذه الرسالة إنطلقت القنوات و المواقع الإخبارية و إستديوهات التحليل في نسج الخيال الواسع و فرض الفرضيات و الإحتمالات , و القناة التي فجرت الوضع كانت بدون منازع قناة الشروق عندما نشرت أخبار إنتشار قوات الدرك الوطني و أفادت بأسماء مجتمعين " التوفيق و السعيد و عناصر من المخابرات الفرنسية و إنطلقت في نسج الخيال و التحليل و وضع أخبار خرافية لا ندري من أين تأتي بهذه المصادر .
تأثر الشعب بقوة و بنخوته و دفاعه عن جيشه , خرج مئات الجزائريين ليلاً في العديد من المدن والولايات ترحيباً بإقتراح الجيش الوطني الشعبي و دفاعاً عنه بشراسة , لدرجة جعلتهم يملؤون ساحات المدن الكبرى ليلاً و إلى أوقات متأخرة من الليل .
المشكلة التي تأتي من وراء هذا التهويل هو أن يصحو المواطن غداً ليجد الحقيقة مغايرة تماماً و يبدأ في الشك و هذه المرة ليس الشك في الحكومة أو بوتفليقة الغائب بل في الجيش و هذا شيء خطير جداً .
بالنسبة للجهة المعارضة في حقيقة الأمر مما يبدو من ردود أفعال عن المادة 102 من الوهلة الأولى كان الخط الإعلامي الفرنسي الفرنكفوني و حتى البريطاني و بعض من يتبعون التيار الفرنكفوني يشن هجمة شديدة على تطبيق هذه المادة و على الجيش الجزائري و يطالب بدل ذلك بالذهاب لحلول خارج الدستور من أجل مصالحهم الخاصة , حيث أنَّ الحل خارج الدستور يؤدي مباشرةً إمَّا لمجلس تأسيسي منتخب يؤدي لإعادة صياغة الدستور أو لندوة وطنية شاملة , و المشكلة هي أنَّ كلاهما غير محدودي الإجراءات و عمليات إختيار الأعضاء تخضع لآلية ضبابية و مجهولة الشكل و المضمون , و قد يتسبب هذا في إطالة عمر الأزمة لمدة طويلة جداً جداً جداً .
كما أنَّ المجلس الدستوري و أعضاء مجلس الأمة رفضو الإستجابة لهذا الطلب و كذبو كل إشاعات الإجتماعات التي تناقلتها وسائل الإعلام , كما لا ننسى أنَّ أهم وجوه المنابر الإلكترونية وجهت تهم مباشرة للجيش الوطني الشعبي بالإلتفاف على مطالب الشعب و التحضير للإنقلاب العسكري .
هذه الهجمة الشرسة إضافة ً إلى المطالب التي رفعها الشعب بالجمعة 29 مارس أدَّت لإستجابة مباشرة و عاجلة من قبل الجيش الوطني الشعبي بتبنيه تلك المطالب أيضاً في اليوم الموالي .
أمَّا الجهة المؤيدة فهي ترحب بالعودة للحلول الدستورية و من أبرزهم وجوه معارضة معروفة كالمحامي و رئيس الحكومة الأسبق " علي بن فليس " , و الكثير إطمئنَّ بدرجة كبيرة جداً إثر هذه القرارات و بدأ يُخمن للمراحل القادمة , مع بعض الشوائب و التخوفات المتعلقة بلاسير نحو التجربة المصرية أين يعود فيه الحكم للجيش في الاخير .
هذه التصورات يجب أن تُمحى عن طريق تدخل الجهاز القضائي و ممارسة ضغوطاته بإسم القانون على المجلس الدستوري و مجلس الأمة و يفرض مطالب الشعب و يأمر القوى الأمنية بالتدخل و وضع حد لرموز النظام الفاسد التي لا تريد الخروج من قصر المرادية .
و في نفس اليوم إنتشرت التصورات القديمة الجديدة القاضية بوجود صراع أجنحة داخل النظام و أنَّ جناح السعيد بوتفليقة يخسر و يقاوم و الرئاسة تسعى للمناورة , و خصوصاً بعد أن تمَّ القبض على رجل الأعمال علي حداد في محاولته الهرب على الحدود التونسية بالمركز الحدودي " أم طبول " بواسطة جواز سفر بريطاني .
لكن ما حدث اليوم نسف كل شيء تقريباً كل التصورات الجميلة و كل الآمال و بعض الثقة التي تكونت بحب بين الجيش الوطني الشعبي و الشعب و حتى شخصية القايد صالح التي يرفضها الجميع هو الآخر إلاَّ أنَّ المواقف التي بثَّها أعادت بصيص الأمل للشعب في التخلص من العصابة , و حمَّست الكثيرين , كل هذا توقف في لحظت صدور بيان الرئاسة الذي أُعلن فيه على أنَّ " بوتفليقة " ولا ندري إن كانو يقصدون السعيد بوتفليقة أم الناصر بوتفليقة أم بوتفليقة آخر قد قرر إجراء تعيين أعضاء حكومة نور الدين بدوي المرفوض هو من أساسه و الغريب و المدهش هو أنَّ بوتفليقة حافظ على منصبه كوزير للدفاع و قائد أعلى للقوات المسلحة و حافظ أيضاً قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح على منصبه كنائب لوزير الدفاع و هذا ما صدم الجزائريين الذين وضعو بصيص الأمل .
فمن غير المعقول أن يكون النائب مطالباً برحيل وزيره و هو يقبل بمنصبه في الحكومة و بالمناسبة الحكومة أتت بوجوه مشبوهة و لم تُغيِّر الكثير , فمن كان في يشتغل مع بن غبريط أصبح وزيراً مكانها و من كانت في الملاهي التونسية أصبحت وزيرة و من كان مهرجاً أصبح وزيراً , و الإسم الثقيل الذي وضَّح الجهة صاحبة القرار هي " هدى فرعون " و المعروفة لدى الشعب الجزائري أنَّها مقربة جدا من شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة .
هذه العملية أبَّانت عن عجز كبير في تفكير من صنع الفكرة كما أنَّ الحركة أتت متأخرة كثيراً جداً , فبدوي مرفوض و مشتقاته مرفوضة شعبياً , و الشعب يعلم أنَّ ختم الرئيس تحت تصرف شقيقه , إذاً فالشعب رافض لأي أمر أو تعيين أو أي مبادرة قادمة بإسم الرئيس , فالغبي الذي صنع الحركة نسي أن الوجوه المطروحة في الحكومة كلها مرفوضة و المبقي عليها مرفوضة .
لكن المشكلة الأكبر هي إدخال مؤسسة الجيش الوطني الشعبي الذي لا يزال يحوز على ثقة الشعب في الموضوع , فبالرغم من أنَّ البيان صادر من جهة واحدة و هي الرئاسة , ولم يصدر أي بيان أو رد من الجيش الوطني الشعبي و لا نزال ننتظر هذا الرد الذي سيفصل حقيقة الطريق التي تسير فيها هذه المؤسسة التي يحبها الشعب .
فإمَّا أنَّ ورود إسم قايد صالح كان مُتعمَّداً لإضعاف بعض الشعبية التي صُنِعَت في هذه الأيام و لإضعاف قدرة الجيش على التأثير في الشارع وبالتالي لن يسانده الشعب في أي تحرك , أو أنَّ قيادة الجيش و مشتقات بوتفليقة متفاهمين على خارطة الطريق منذ مدة " و هذا يبقى مستبعد لحد كتابتة هذه الأسطر " , فإذا كان ردُّ القايد صالح إيجابياً بالقبول إتجاه هذا الغباء فسيصبح مع المغضوب عليهم و لن يصدق الشعب أي كلمة إطراء يقولها بعد الآن , و الأخطر أنَّ حتى الثقة بين الجيش و الشعب قد تصبح على المحك بسببه , أو أنَّهُ يعلن رفضه أو إستقالته أو يباشر في التدخل العسكري مباشرةً لنزع السلطة من القوى غير الدستورية , أو قد يسيتنجد بالغطاء القضائي لتبقى كل الإجراءات مدنية مشروعة لا تجلب الأنظار الدولية و هذا هو المطلوب .
و المشكل الثالث هو أنه لو يقدم بوتفليقة الغائب إستقالته و هذا ماسيستدعي تطبيق المادة 102 من الدستور فالمجلس الدستوري الذي سينظر فيها مرفوض شعبياً بالمُطلق فرداً فرداً , و مجلس الأمة الذي سيستلمها مرفوض جملةً و تفصيلاً , و الحكومة التي ستبقى إجباراً " بحسب نص المادة لا يمكن بأي حال من الأحوال إقالة أو إستقالة الحكومة " وهذا مايعني رفع درجات الغضب الشعبي لأعلى درجة ممكنة فكل شيء مرفوض من الأول إلى الأخير .
فهل سيبقى الجيش الوطني الشعبي محافظاً على موقفه بإسم قيادته و يرافق الشعب في تحقيق مطالبه أم أنه سيظهر عكس ذلك ويفقد ماكنا نأمل بأن يكون دائماً و هو لحمة الجيش مع الشعب , لأنَّ توجهات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي تؤثر كثيراً على ثقة الشعب بالجيش , فالشعب يبقى دائماً واثقاً في أفراد الجيش .
شاهد كرونولوجيا خطابات قائد أركان الجيش الوطني الشعبي
أترك لنا تعليقك حول الموضوع من هنا
أحصل على كل جديد من موقعنا مباشرة بالضغط على " متابعة "
0 Comentair:
Post a Comment