970x90 شفرة ادسنس

ليبيا على صفيح حفتر | تحدي توحيد ليبيا أم صراع مصالح ؟!


ليبيا على صفيح حفتر

تحدِّي توحيد ليبيا أم صراع المصالح ؟!


تشهد الساحة الليبية عودة الشخصية الأكثر إثارةً للمتاعب إلى المشهد بتوغله في الجزء الغربي من ليبيا و بالتحديد المناطق القريبة و المتاخمة للعاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني المُعترف بها دولياً وذلك بعد سيطرته شبه الكاملة على الجنوب الشرقي و الجنوب الغربي لليبيا , وهذا كان مباشرة بعد الإتفاق الذي تمَّ بينه و بين فائز السرَّاج , و هو لحد الآن يكاد يقتحم طرابلس بعد أن هدَّدَ السراج بالحزم و الرد بعملية مضادَّة , وهو مايهدد فعلاً بتأزُّم الوضع في ليبيا خصوصاً و أنَّه كما يبدو لا أحد قادر على إنهاء الصراع المُسلَّح الذي بدأ , هذا لأنَّ حفتر يتلقى الضوء الأخضر من دول أعضاء مجلس الأمن الدولي و الدعم الكامل المادي و الإعلامي من التيار السعودي الإماراتي و حتى المصري , بينما الطرف المقابل يقف على رجليه بفضل الإتحاد الأوروبي و الواجهة الإخوانية "الدعم  القطري و التركي " وهو مايجعل ليبيا حلبة صراع للمصالح و التيارات , لكن من جانب آخر يعتقد البعض أنَّ سيطرة حفتر على ليبيا هو السبيل الوحيد لتوحيدها تحت قوة من جديد , فماهي الرؤية الواضحة للمشهد الليبي .

لنفهم أصل كل هذه الصراعات التي تتطور من حين لآخر برعاية دول أجنبية كثيرة في ليبيا , يجب أن نعود دائماً لزمن الحرب على القذافي منذ 2011 , أين قام الشعب الليبي بالخروج للشوارع و المدن الليبية إنطلاقاً من بنغازي وتطور الوضع فيما بعد بسبب عدم الحكمة من قبل نظام القذافي من جهة و بسبب الدفع و الدعم من الجهات الأجنبية بالقوة و الإعلام , وبما أنَّ رد القذافي كان عنيفاً فماكان على الليبيين إلاَّ البحث عن الرد بالمثل , فتم الإستيلاء على مخازن الأسلحة بمساعدة مخابرات أجنبية و بدأت الإنشقاقات في الجيش الليبي و بدأت بعض الليبيين من ما تمَّ تسميتهم " بالثوار " , و لم يمر الكثير من الوقت حتى بدأت تتعالى الدعوات للتدخل الأجنبي العسكري من أجل القضاء على القذافي و دعم الثوار الليبيين المُسلَّحين بحجة أنهم يقاتلون نظام ظالم.

وبالفعل أتى ماكان مرادهم بفعل قوة حلف الناتو و بمشاركة بعض الجيوش العربية على رأسهم سلاح الجو القطري و الإماراتي , وتمَّ إسقاط جيش القذافي في غضون بضع ساعات من القصف , و إستمر القصف فيما بعد لتدمير البنية التحتية و ضرب المدنيين من أجل منح فرص أكبر لعودة شركاتهم بقوة لإعادة الإعمار.

حين سقط نظام القذاي كانت ليبيا دولة فاقدة للسيادة إذ يتزعمها ميليشيات و فرق عسكرية متعددة من هنا و هناك تختلف لتوجهاتها و تختلف أيضاً الجهات الداعمة لها , و على الأرجح كانت و لا تزال الدول المهيمنة ذات المصالح راغبة في الإبقاء على ليبيا في وضع هزيل حتى يسمح لها هذا في نهب ثرواتها بكل إرياحية .

وهنا ظهر خليفة حفتر الذي كان لاجئاً في الولايات المتحدة الأمريكية خليفة بعد إنشقاقه من الجيش الليبي أثناء الحرب على التشاد التي أُسِر فيها هو وكتائبه على يد أقل من 100 جندي تشادي , وعاد إثر بدأ إنتفاضة الشعب الليبي ضد القذافي حين بدأت الفصائل المسلحة تتشكل و كان قائداً مؤقتاً تنظيم " جيش التحرير " .

وبدعمٍ من مصر و الإمارات و السعودية تأسّسَ مجلس النواب الليبي في طبرق والذي عيَّن خليفة حفتر قائداً للجيش الوطني الليبي المُؤسَّس حديثاً ووافق على ترقيته إلى رتبة فريق , ثُمَّ أُصدِر قرار بترقيته إلى رتبة مشير في 2016 .

أمَّا من الجانب الآخر فقد دعَّم الإتحاد الأوروبي و على رأسهم فرنسا و بريطانيا تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها حالياً فائز السرَّاج و تتبعه تنظيمات مسلحة في شكل كتائب متوزعة على العاصمة طرابلس و ضواحيها و مصراتة و ضواحيها , و تعاني هذه التشكيلات من عدم الإنسجام الكامل و النقص الكبير في السلاح و الخبرة بحيث أنها مُشكَّلة حديثاً .

وتحاول الجهات الأممية و من بينها المساهمات المغربية و الجزائرية لإيقاف النزاع و توحيد الأصوات , لكن كثرت التدخلات الأجنبية و بفعل وجود العديد من قوات و القواعد العسكرية على الأراضي الليبية و السيطرة الكبيرة على حقول النفط هناك من قبل هذه الدول المتصارعة على مصالحها , أدَّى كل هذا لوؤد كل محاولات الصلح و إقامة السلام , بل أصبحت الأطراف في ليبيا تتبع فعلاً الإيديولوجيات الخارجية بكثرة , فالبعض يتبع التيار الإخواني و أكثرهم ممن هم في حكومة الوفاق الوطني المدعومين أيضاً من الإتحاد الاوروبي , و كذلك التيار السعودي المتمثل في الطرف الداعم لقوات حفتر .

حالياً ليبيا مُنقسمة سياسياً إلى حكومتين و برلمانين و جيشين , و هذا ماتستغله الدول أصحاب المصالح , لكن في السنتين الأخيرتين عُقد الكثير من الإتفاقيات التي تدعو للهدنة و التهدئة بين الطرفين و لعل إتفاق الصخيرات كان سيكون حلاًّ مناسباً لو تمَّ الأخذ به من دون فسخه , لأنَّهُ لم يكن يتبقى الكثير من الأيام حتى تنعقد المزيد من الإجتماعات لتحديد كيفية تسيير المرحلة الإنتقالية لغاية إجراء إنتخابات رئاسية ليبية و إختيار رئيس ليبيا و إنهاء الفرقة و الإختلاف .

لكن هذا مالم يلتزم به ولا طرف من بين الإثنين فعادةً ماتخرق حكومة الوفاق الوطني هذا الإتفاق بسبب تمرد إحدى الفصائل التابعة لها , فالكتائب و الفصائل العسكرية تحمل عادةً عقلية " الميليشيا " وليس عقلية الدولة و تحاول فرض رأيها و هي كثيرة التمرُّد و التعصُّب , وعادةً يأتي من جيش حفتر وما أكثره من تدخل و تعنُّت بسبب رغبته في السيطرة الكاملة على ليبيا و عدم ترك الفرصة للمنافس في بسط سيطرته , و بالتأكيد كل هذا تحت مسميات محاربة الإرهاب و تحت الدعم الأجنبي الواضح الخليجي و الغربي .

وهذه المرَّة تميَّزت حملة خليفة حفتر بنوع من المفاجئة فقد أرسل أرتاله المكونة من سيارات رباعية الدفع التي تحمل رشاشات ومدافع  بمختلف الأنواع إلى ضواحي طرابلس بعد أن تمكن من بسط سيطرته على العديد من النقاط الإستراتيجية و من أبرزها المطارات العسكرية , وهو الآن على مشارف طرابلس وسط تصعيد عسكري و إشتباكات بين الطرفين .

فهل يسعى حفتر لطرد ما أسماهم بمجلس الناتو ؟؟

في حقيقة الأمر هو لا يسعى سوى لتنفيذ الأجندات الأجنبية و هذا مايظهر بوضوح من خلال زياراته الأخيرة للملكة العربية السعودية , و يظهر أيضاً من خلال الضوء الأخضر الواضح الذي تمنحه أوروبا له , لأنها لو كانت فعلاً تعمل بما تقوله في مجلس الأمن الدولي , لكانت قد منعته من لك في المهد لأنه و ببساطة قواتها و جنودها متواجدين على الأراضي الليبية , و من جهة أخرى يبدو أنها مستفيدة جداً من النفط و الغاز الليبي الذي تشتريه من الحقول النفطية التي يسيطر عليها و هي مصدر مهم للغاية و أساسي لتمويل جيشه .

ومنه فأوروبا مُستفيدة من حفتر أكثر من ضررها له و داعمة له أكثر من أنها تعاديه كما يظهر من خلال شاشات التلفزيون , بينما حكومة الوفاق الوطني المدعومة دولياً حقيقةً هي تعاني الأمرَّين , الأولى هي أنها مُعينة من جهات خارجية أكثر من أنها مُنتخبة محلياً و بالتالي لا تجد الدعم الكافي من الشعب الليبي و ثانياً الأجهزة الإعلامية الكبرى تدعم توجه حفتر و لا تدعم توجه حكومة فائز السرَّاج , وبالتالي ستجد نفسها أمام رفض شعبي لها و أمام ضعف كبير في التسليح و القوة الأمنية .

و هل لذلك علاقة بما يحدث في الجزائر ؟!

بالتأكيد نعم , حتى لو كان بطريقة غير مباشرة فنحن نعلم توجه الداعمين له نظرياً " الإمارات و السعودية و مصر " الرافض لموضوع الثورات الشعبية على الحكام خشية أن تنتقل العدوى إليها , فهي دائماً ماتتدخل بالسلب في أي بلد يثور فيه شعبه ضد عُصبته الحاكمة و تُعتبر " عرَّابة الثورات المضادة " , ولكن حسب مانراه من رفض قاطع من قبل الشعب الجزائري لتدخل أي دولة حتى بأجهزتها الإعلامية فإنَّ هذا التاثير ضعيف جداً , وما مسعاها إلاَّ الضغط على الجيش الوطني الشعبي بصفته المؤسسة الرسمية المُهيكلة الشرعية الوحيدة بعد 28 أفريل .

و من جهة أخرى ترى " مرحاض أوروبا " فرنسا على أنَّ مصالحها في الجزائر مُهددة بالضياع بسبب تزايد الرفض القاطع لها و لتياراتها و لسياساتها الإقتصادية في المنطقة , فلابد لها من البحث عن مصالح بديلة تضمن بقاء إمدادات الموارد اللازمة للإقتصاد الفرنسي من طرف أضعف يمكنه تقديم التنازلات في شكل طويل الأمد , وبالرغم من كل هذا ففرنسا لا تزال تملك الكثير من الأوراق لتلعبها في الجزائر .

وهل خليفة حفتر مخيف ؟!

بالطبع هو لا يمكنه بأي طريقة أن يكون مُخيفاً فلا جيشه ولا هو ولا سلاحه ولا أي شيء منه يمكنه مواجهة أصغر كتيبة في الحرس البلدي الجزائري السابق فما بالك بثاني أقوى جيش في إفريقيا والسادس و العشرين عالمياً و الذي خاض مخاض حروب العصابات في العشرية السوداء ولا يزال يكافح آثار بقايا الإرهاب .

لكن مايترتب عن تصرفات خليفة حفتر هو مايخيف , فتونس تفطنت بسرعة و أقدمت على إعلان حالة الطوارىء بجنوب تونس لمدة شهر كامل مع تشديد الدوريات العسكرية على الحدود , كما عملت الجزائر على إستنفار بعض القوات القريبة من الحدود الليبية لتشديد الحيطة و الحذر , ليس من حفتر ولا من جيشه و إنَّما من آثار مايقوم به حفتر من زعزعة الإستقرار و خلق مواجهات مسلحة و حروب إستنزاف من وقت لآخر.

إذا بالمختصر المفيد مايدور حالياً في ليبيا يحركه بلاشك صراع المصالح الغربية على الموارد الليبية و صراع الإمارات و السعودية على بسط النفوذ لمواجهة التيار الإخواني القائم هو الآخر هناك , ويمكن القول أيضاً أنَّ بعض الليبيين يرون أنَّ حفتر هو من سيوحد ليبيا تحت لواء آخر و هو ماتبحث عليه الدول الداعمة له لضمان كسب مصالحها في كنف الأمن و الإستقرار و بأبخس الأثمان .

شاهد مختصر لتحليل مفصل عن الوضع الحالي في ليبيا




أترك لنا تعليقك حول الموضوع من هنا

أحصل على كل جديد مباشرة من موقعنا بالضغط على " متابعة "


إشترك في قناتنا على اليوتوب من هنا 



  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك

0 Comentair:

Post a Comment

Item Reviewed: ليبيا على صفيح حفتر | تحدي توحيد ليبيا أم صراع مصالح ؟! Rating: 5 Reviewed By: AyoubVision
Scroll to Top
google-site-verification: googleeb9bb8d83dc3c4d3.html